حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ النَّهْدِيُّ. وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، ثَنَا إِسْحَاقُ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا اعْتَزَلْتُ الْحَرُورِيَّةَ قُلْتُ لِعَلِيٍّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَبْرِدْ عَنِّي الصَّلَاةِ لَعَلِّي آتِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ فَأُكَلِّمَهُمْ، قَالَ: إِنِّي أَتَخَوَّفُهُمْ عَلَيْكَ، قَالَ: قُلْتُ: كَلَّا إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَبِسْتُ أَحْسَنَ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْيَمَانِيَةِ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ قَائِلُونَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَدَخَلْتُ عَلَى قَوْمٍ فَلَمْ أَرَ قَوْمًا قَطُّ أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْهُمْ، أَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا ثَفِنُ إِبِلٍ، وَوُجُوهُهُمْ مُقَلَّبَةٌ مِنْ آثَارِ السُّجُودِ، قَالَ: فَدَخَلْتُ فَقَالُوا: مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ أُحَدِّثُكُمْ، عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗٣١٩⦘ نَزَلَ الْوَحْيُ، وَهُمْ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُحَدِّثُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنُحَدِّثَنَّهُ، قَالَ: قُلْتُ: أَخْبِرُونِي مَا تَنْقِمُونَ عَلَى ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَتَنِهِ وَأَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِهِ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ مَعَهُ؟ قَالُوا: نَنْقِمُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، قُلْتُ: وَمَا هُنَّ؟ قَالُوا: أُولَاهُنَّ أَنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللهِ وَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]، قَالَ: قُلْتُ: وَمَاذَا؟ قَالُوا: قَاتَلَ وَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ، لَئِنْ كَانُوا كُفَّارًا لَقَدْ حَلَّتْ لَهُ أَمْوَالُهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ لَقَدْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ دِمَاؤُهُمْ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَاذَا؟ قَالُوا: وَمَحَا نَفْسَهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ أَمِيرُ الْكَافِرِينَ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَرَأْتُ عَلَيْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللهِ الْمُحْكَمِ، وَحَدَّثْتُكُمْ مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا لَا تُنْكِرُونَ أَتَرْجَعُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللهِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ} [المائدة: ٩٥] إِلَى قَوْلِهِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥]، وَقَالَ فِي الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥]، أَنْشُدُكُمُ اللهَ أَفَحُكْمُ الرِّجَالِ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ أَحَقُّ أَمْ فِي أَرْنَبٍ ثَمَنُهَا رُبْعُ دِرْهَمٍ؟ فَقَالُوا: اللهُمَّ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ، وَصَلَاحِ ذَاتِ بَيْنِهِمْ، قَالَ: أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ قَاتَلَ وَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ، أَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ، ثُمَّ تَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا تَسْتَحِلُّونَ مِنْ غَيْرِهَا، فَقَدْ كَفَرْتُمْ، وَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأُمِّكُمْ فَقَدْ كَفَرْتُمْ وَخَرَجْتُمْ مِنَ الْإِسْلَامِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦]، فَأَنْتُمْ تَتَرَدَّدُونَ بَيْنَ ضَلَالَتَيْنِ فَاخْتَارُوا أَيَّتَهُمَا شِئْتُمَ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ. قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ مَحَا نَفْسَهُ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى أَنْ يَكْتُبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ كِتَابًا، فَقَالَ: " اكْتُبْ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ "، فَقَالُوا: وَاللهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ، وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: " وَاللهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ يَا عَلِيُّ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ "، فَرَسُولُ اللهِ كَانَ ⦗٣٢٠⦘ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: اللهُمَّ نَعَمْ. فَرَجَعَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ أَلْفًا، وَبَقِيَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، فَقُتِلُوا "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute