حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ , ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا , ثنا أَبُو تُرَابٍ , قَالَ: قَالَ شَقِيقٌ لِحَاتِمٍ الْأَصَمِّ: مُذْ أَنْتَ صَحِبْتَنِي أَيَّ شَيْءٍ تَعَلَّمْتَ؟ قَالَ: «سِتُّ كَلِمَاتٍ» قَالَ: أَوْلُهُنَّ قَالَ: " رَأَيْتُ كُلَّ النَّاسِ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِ الرِّزْقِ وَإِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ تَعَالَى {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦] فَعَلِمْتُ أَنِّي مِنْ هَذِهِ الدَّوَابِّ وَاحِدٌ فَلَمْ أَشْغَلْ نَفْسِي بِشَيْءٍ قَدْ تَكَفَّلَ لِي بِهِ رَبِّي , قَالَ: أَحْسَنْتَ فَمَا الثَّانِيَةُ قَالَ: رَأَيْتُ لِكُلَّ إِنْسَانٍ صَدِيقًا يُفْشِي إِلَيْهِ سَرَّهُ وَيَشْكُو إِلَيْهِ أَمْرَهُ فَقُلْتُ: أَنْظُرُ مَنْ صَدِيقِي فَكُلِّ صِدِّيقٍ وَأَخٍ رَأَيْتُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَّخِذَ صَدِيقًا يَكُونُ لِي بَعْدَ الْمَوْتِ فَصَادَقْتُ الْخَيْرَ لِيَكُونَ مَعِي إِلَى الْحِسَابِ وَيَجُوزُ مَعِي إِلَى الصِّرَاطِ وَيُثَبَّتُنِي بَيْنَ يَدَيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَقَالَ: أَصَبْتَ فَمَا الثَّالِثَةُ قَالَ: رَأَيْتُ كُلَّ النَّاسِ لَهُمْ عَدُوٌّ , فَقُلْتُ أَنْظُرُ مَنْ عَدُوِّي فَأَمَّا مَنِ اغْتَابَنِي فَلَيْسَ عَدُوِّي , وَأَمَّا مِنْ أَخَذَ مِنِّي شَيْئًا فَلَيْسَ هُوَ عَدُوِّي وَلَكِنْ عَدُوِّي الَّذِي إِذَا كُنْتُ فِي طَاعَةِ اللهِ أَمَرَنِي بِمَعْصِيَةِ اللهِ , فَرَأَيْتُ ذَلِكَ إِبْلِيسَ وَجُنُودَهُ فَاتَّخَذْتُهُمْ عَدُوًّا فَوَضَعْتُ الْحَرْبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَوَتَرْتُ ⦗٨٠⦘ قَوْسِي وَوَصَلْتُ سَهْمِي فَلَا أَدَعُهُ يَقَرَبُنِي , قَالَ: أَحْسَنْتَ , فَمَا الرَّابِعَةُ , قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ لَهُمْ طَالِبٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَوْمًا وَاحِدًا فَرَأَيْتُ ذَلِكَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَفَرَّغْتُ لَهُ نَفْسِي حَتَّى إِذَا جَاءَ لَا يَنْبَغِي أَنْ أُمْسِكَهُ فَأَمْضَى مَعَهُ قَالَ: أَحْسَنْتَ , فَمَا الْخَامِسَةُ قَالَ: نَظَرْتُ فِي هَذَا الْخَلْقِ فَأَحْبَبْتُ وَاحِدًا وَأَبْغَضْتُ وَاحِدًا فَالَّذِي أَحْبَبْتُهُ لَمْ يُعْطِنِي وَالَّذِي أَبْغَضْتُهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنِّي شَيْئًا فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ هَذَا؟ فَرَأَيْتُ أَنِّي أَتَيْتُ هَذَا مِنْ قِبَلِ الْحَسَدِ فَطَرَحَتُ الْحَسَدَ مِنْ قَلْبِي فَأَحْبَبْتُ النَّاسَ كُلَّهُمْ فَكُلُّ شَيْءٍ لَمْ أَرْضَهُ لِنَفْسِي لَمْ أَرْضَهُ لَهُمْ , قَالَ: أَحْسَنْتَ فَمَا السَّادِسَةُ , قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ كُلَّهُمْ لَهُمْ بَيْتٌ وَمَأْوَى وَرَأَيْتُ مَأْوَايَ الْقَبْرَ فَكُلُّ شَيْءٍ قَدَرْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ قَدَّمْتُهُ لِنَفْسِي حَتَّى أُعَمِّرَ قَبْرِي فَإِنَّ الْقَبْرَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَامِرًا لَمْ يُسْتَطَعِ الْقِيَامَ فِيهِ , فَقَالَ شَقِيقٌ: عَلَيْكَ بِهَذِهِ الْخِصَالِ السِّتَّةِ فَإِنَّكَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى عِلْمٍ غَيْرِهِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute