حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا النَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ، وَرَّاقَ الْحُمَيْدِيِّ، يَقُولُ ⦗٧٥⦘: سَمِعْتُ الْحُمَيْدِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " كُنْتُ أَطْلُبُ الشَّعْرَ وَأَنَا صَغِيرٌ، وَأَكْتُبُ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِمَكَّةَ أَوْ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ مَكَّةَ إِذْ سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ بْنَ إِدْرِيسَ، عَلَيْكَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ، قَالَ: فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَرَجَعْتُ , فَكُنْتُ أَطْلُبُ الْعِلْمُ وَأَكْتُبُهُ عَلَى الْخِرَقِ، وَأَطْرَحُهُ فِي الزِّيرِ، حَتَّى امْتَلَأَ، وَكُنْتُ يَتِيمًا، وَلَمْ يَكُنْ لِأُمِّي شَيْءٌ، فَوَلِيَ عَمٌّ لِي نَاحِيَةَ الْيَمَنِ عَلَى الْقَضَاءِ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْتُ مِنَ الْيَمَنِ، أَتَيْتُ مُسْلِمَ بْنَ خَالِدٍ الزَّنْجِيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلِيَّ السَّلَامَ "، وَقَالَ أَحَدُهُمْ يَجِيئُنَا حَتَّى إِذَا ظَنَنَّا أَنَّهُ يُصْلِحُ أَفْسَدَ نَفْسَهُ، قَالَ: «فَسِرْتُ إِلَى سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ» وَقَالَ: قَدْ بَلَغَنِي يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا كُنْتَ فِيهِ، وَمَا بَلَغَنِي إِلَّا خَيْرٌ، فَلَا تَعُدْ. قَالَ: " ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَرَأْتُ الْمُوَطَّأَ عَلَى مَالِكٍ. قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الْعِرَاقِ، فَصِرْتُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَكُنْتُ أُنَاظِرُ أَصْحَابَهُ " قَالَ: «فَشَكَوْنِي إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ» فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا الْحِجَازِيَّ يَعِيبُ عَلَيْنَا قَوْلَنَا، وَيُخَطِّئُنَا. فَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهُ: " إِنَّا كُنَّا لَا نَعْرِفُ إِلَّا التَّقْلِيدَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَيْكُمْ سَمِعْنَاكُمْ تَقُولُونَ: لَا تُقَلِّدُوا، وَاطْلُبُوا الْحَقَّ وَالْحِجَاجَ "، فَقَالَ لِي: فَنَاظِرْنِي. فَقُلْتُ: «أُنَاظِرُ بَعْضَ أَصْحَابِكَ، وَأَنْتَ تَسْمَعُ»، فَقَالَ: لَا، إِلَّا أَنَا. قَالَ: فَقُلْتُ: «ذَلِكَ». قَالَ: فَتَسْأَلُ أَوْ أَسْأَلُ؟ قُلْتُ: «مَا شِئْتَ» قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ عَمُودًا فَبَنَى عَلَيْهِ قَصْرًا فَجَاءَهُ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّهُ؟ قُلْتُ: «يُخَيَّرُ بَيْنَ الْعَمُودِ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ، فَإِنِ اخْتَارَ الْعَمُودَ هَدَمَ الْقَصْرَ وَأَخْرَجَ الْعَمُودَ فَرَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ». قَالَ: فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ خَشَبَةً فَبَنَى عَلَيْهَا سَفِينَةً، ثُمَّ لَجَجَ بِهَا فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا، فَاسْتَحَقَّهَا؟ قُلْتُ: «تُقْدَمُ إِلَى أَقْرَبِ الْمَرْسَيَيْنِ، فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَبَيْنَ الْخَشَبَةِ، فَإِنْ أَخَذَ قِيمَتَهَا، وَإِلَّا نَقَضَ السَّفِينَةَ وَرَدَّ الْخَشَبَةَ إِلَى صَاحِبِهَا»، قَالَ: فَمَاذَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ خَيْطَ إِبْرَيْسَمٍ، فَخَاطَ بِهِ جُرْحَهُ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ فَاسْتَحَقَّهُ؟ قُلْتُ: «لَهُ قِيمَتُهُ»، فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: تَرَكْتَ قَوْلَكَ يَا حِجَازِيُّ، فَقُلْتُ لَهُ: «عَلَى رِسْلِكَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ صَاحِبَ الْقَصْرِ أَرَادَ أَنْ يَهْدِمَ قَصْرَهُ وَيَرُدَّ الْعَمُودَ إِلَى صَاحِبِهِ وَلَا يعْطِيَهُ قِيمَتَهُ، كَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ؟» فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: «أَرَأَيْتَ إِنْ ⦗٧٦⦘ صَاحِبُ السَّفِينَةِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ السَّفِينَةَ وَيَرُدَّ الْخَشَبَةَ إِلَى صَاحِبِهَا، أَكَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ؟» قَالَ: لَا قُلْتُ: «أَرَأَيْتَ إِنْ صَاحِبُ الْجُرْحِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَنْقُضَ جُرْحَهُ، وَيُخْرِجَ الْخَيْطَ الَّذِي خَاطَ بِهِ الْجُرْحَ، وَيَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، أَكَانَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَمْنَعَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: «فَكَيْفَ تَقِيسُ مَا هُوَ مَحْظُورٌ بِمَا هُوَ لَيْسَ بِمَمْنُوعٍ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute