للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُؤَدِّبُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ بَطَّةَ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَدِينِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، بِمَكَّةَ وَهُوَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ خَادِمِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ وَصَاحِبُهُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَسْلَمَ، يَقُولُ: " زَعَمَتِ الْجَهْمِيَّةُ أَنَّ الْقُرْآنَ ⦗٢٤٥⦘ مَخْلُوقٌ وَقَدْ أَشْرَكُوا فِي ذَلِكَ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ بَيَّنَ أَنَّ لَهُ كَلَامًا فَقَالَ: {إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} [الأعراف: ١٤٤] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] فَأَخْبَرَ أَنَّ لَهُ كَلَامًا وَأَنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ فِي تَكْلِيمِهِ إِيَّاهُ: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكُ} [طه: ١٢] فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكُ} [طه: ١١] خَلْقٌ وَلَيْسَ بِكَلَامِهِ فَقَدْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ خَلْقًا قَالَ لِمُوسَى: إِنِّي أَنَا رَبُّكُ، فَقَدْ جَعَلَ هَذَا الزَّاعِمُ رَبًّا لِمُوسَى دُونَ اللَّهِ. وَقَوْلُ اللَّهِ أَيْضًا لِمُوسَى فِي تَكْلِيمِهِ: {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعَبْدُنِي} [طه: ١٣] فَقَدٍ جَعَلَ هَذَا الزَّاعِمُ إِلَهًا لِمُوسَى غَيْرَ اللَّهِ. وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى لِمُوسَى فِي تَكْلِيمِهِ إِيَّاهُ: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص: ٣٠] فَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ أَنَّ هَذَا كَلَامُ اللَّهِ قَوْلُهُ تَكَلَّمَ بِهِ وَاللَّهُ قَالَهُ زَعَمَ أَنَّهُ خَلْقٌ فَقَدْ عَظُمَ شِرْكُهُ وَافْتِرَاؤُهُ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ خَلْقًا قَالَ لِمُوسَى: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص: ٣٠] فَقَدْ جَعَلَ هَذَا الزَّاعِمُ لِلْعَالَمِينَ رَبًّا غَيْرَ اللَّهِ فَأَيُّ شِرْكٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا، فَتَبْقَى الْجَهْمِيَّةُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بَيْنَ كُفْرَيْنِ اثْنَيْنِ أَنَّ زَعْمًا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى فَقَدْ رَدُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَكَفَرُوا بِهِ، وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ: {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [القصص: ٣٠] خَلْقٌ فَقَدْ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ، فَفِي هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ بَيَانٌ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيهَا بَيَانُ شِرْكِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ خَلْقٌ، وَقَوْلُ اللَّهِ خَلْقٌ وَمَا أَوْحَى اللَّهُ إِلَى أَنْبِيَائِهِ خَلْقٌ " وَأَمَّا نَقْضُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى الْمُرْجِئَةِ الْكَرَّامِيَّةِ الَّتِي زَعَمَتْ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْقَوْلُ بِاللِّسَانِ مِنْ دُونِ عَقْدِ الْقَلْبِ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ فَقَدْ صَنَّفَ فِي الْإِيمَانِ وَفِي الْأَعْمَالِ الدَّالَّةِ عَلَى تَصْدِيقِ الْقَلْبِ وَأَمَارَاتِهِ كِتَابًا جَامِعًا كَبِيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>