حَدَّثَنَا أَبِي وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، قَالَا: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْأَنْطَاكِيِّ، قَالَ: «اعْلَمْ أَنَّ الْجَاهِلَ مَنْ قَلَّ صَبْرُهُ عَلَى عِلَاجِ عَدُوِّهِ لِنَجَاتِهِ بَلْ سَاعَدَ عَدُوَّهُ عَلَى مُجَاهَدَتِهِ، فَذَلِكَ أَهْلٌ أَنْ يَضْحَكَ بِهِ الضَّاحِكُونَ، وَالْكَلَامُ كَثِيرٌ مَوْجُودٌ وَجَوْهَرُهُ عَزِيزٌ مَفْقُودٌ، فَإِنَّ الْعِلْمَ الْكَثِيرَ الَّذِي يُحْتَاجُ مِنْهُ الْقَلِيلُ، وَالْأَعْمَالُ كَثِيرَةٌ وَالصِّدْقُ فِي الْأَعْمَالِ قَلِيلٌ، وَالْأَشْجَارُ كَثِيرَةٌ وَطَيِّبُ ثَمَرَتِهَا قَلِيلٌ، وَالْبِشْرُ كَثِيرٌ وَأَهْلُ الْعُقُولِ قَلِيلٌ، فَاسْتَدْرِكْ مَا قَدْ فَاتَ بِمَا بَقِيَ، وَاسْتَصْلِحْ مَا قَدْ فَسَدَ فِيمَا بَقِيَ أَوْ وَضَحَ، وَبَادِرْ فِي مُهْلَتِكَ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالْكَظْمِ، وَأَعِدَّ الْجَوَّابَ قَبْلَ الْمَسْأَلَةِ، فَقَدْ وَجَدْتُكَ تُعِدُّ الْجَوَابَاتِ لِحُكَّامِ الدُّنْيَا قَبْلَ مَسْأَلَتِهِمْ إِيَّاكَ، فَمَاذَا أَعْدَدْتَ مِنَ الْجَوَابَاتِ لِحَكَمِ السَّمَاءِ مِنْ صِدْقِ الْجَوَابَاتِ؟ وَتَقَدَّمْ فِي الِاجْتِهَادِ لِتَدْفَعَ بِهِ خَطَرَ الِاعْتِذَارِ فَإِنَّكَ عَسَيْتَ لَا يُقْبَلُ مِنْكَ الْمَعْذِرَةُ مَعَ إِحَاطَةِ الْحُجَجِ بِكَ وَشَهَادَاتِ الْعِلْمِ عَلَيْكَ وَاعْتِرَافِ الْعُقُولِ بِالِاسْتِهَانَةِ لِمَنْ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ لِقَائِهِ، فَاحْذَرْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجَافِيَكَ الْأَمْرُ عَلَى عِظَمِ غَفْلَتِكَ فَيَفُوتَكَ إِصْلَاحُ مَا قَدْ فَاتَ مَعَ هُمُومِ الدُّنْيَا مَا هُوَ آتٍ مِنْ قَبْلِ الْإِيَاسِ مِنْكَ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْأَجَلِ وَالْأَخْذِ بِالْكَظْمِ مَعَ زَوَالِ النِّعَمِ حِينَ لَا يُوصَلُ إِلَّا إِلَى النَّدَامَةِ، فَيَا لَهَا مِنْ حَسْرَةٍ إِنْ عَقَلْتَ الْحَسْرَةَ، وَيَا لَهَا مِنْ مَوْعِظَةٍ لَوْ صَادَفَتْ مِنَ الْقُلُوبِ حَيَاةً. وَأَنَا مُوصِيكَ وَنَفْسِي مِنْ بَعْدُ بِوَصِيَّةٍ إِنْ قَبِلْتَ عِشْتَ فِي الدُّنْيَا حَكِيمًا مُؤَدِّبًا فِيهَا سَلِيمًا وَخَرَجْتَ مِنَ الدُّنْيَا فَقِيرًا مُغْتَبِطًا فِيهَا مَغْبُوطًا وَفِي الْآخِرَةِ مُتَوَّجًّا مَلِكًا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute