حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَقْصِدُ رَغْبَتِي، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ حَاجَتِي، وَمِنْكَ أَرْجُو نَجَاحَ طَلِبَتِي، وَبِيَدِكَ مَفَاتِيحُ مَسْأَلَتِي لَا أَسْأَلُ الْخَيْرَ إِلَّا مِنْكَ، وَلَا أَرْجُوهُ مِنْ غَيْرِكَ، وَلَا أَيْأَسُ مِنْ رَوْحِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِي بِفَضْلِكَ، يَا مَنْ جَمَعَ كُلَّ شَيْءٍ حِكْمُتُهُ، وَيَا مَنْ نَفَذَ فِي كُلُّ شَيْءٍ ⦗٣٣٤⦘ حُكْمَهُ، يَا مَنِ الْكَرِيمُ اسْمُهُ، لَا أَحَدٌ لِي غَيْرُكَ فَأَسْأَلُهُ، وَلَا أَثِقُ بِسِوَاكَ فَآمُلُهُ، وَلَا أَجْعَلُ لِغَيْرِكَ مَشِيئَةً مِنْ دُونَكِ أَعْتَصِمُ بِهَا وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، فَمَنْ أَسْأَلُ إِنْ جَهِلْتُكَ، وَبِمَنْ أَثِقُ بَعْدَ إِذْ عَرَفْتُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ ثِقَتِي بِكَ وَإِنْ أَلْهَتْنِي الْغَفَلَاتُ عَنْكَ وَأَبْعَدَتْنِي الْعَثَرَاتُ مِنْكَ بِالِاغْتِرَارِ، يَا مُقِيلَ الْعَثَرَاتِ إِنْ لَمْ تَتَلَافَنِي بِعِصْمَةٍ مِنَ الْعَثَرَاتِ فَإِنِّي لَا أَحُولُ بِعَزِيمَةٍ مِنْ نَفْسِي، وَلَا أَرُومُ عَلَى خَلِيفَةٍ بِمَكَانٍ مِنْ أَمْرِي. أَنَا نِعْمَةٌ مِنْكَ وَأَنَا قَدَرٌ مِنْ قَدَرِكَ، أَجْرِي فِي نِعَمِكَ وَأَسْرَحُ فِي قَدَرِكَ، أَزْدَادُ عَلَى سَابِقَةِ عِلْمِكَ وَلَا أَنْتَقِصُ مِنْ عَزِيمَةِ أَمْرِكَ، فَأَسْأَلُكَ يَا مُنْتَهَى السُّؤَالَاتِ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ يَا مَوْضِعَ الْحَاجَاتِ سِوَاكَ، مَنْ قَدْ كَذَبَ كُلُّ رَجَاءٍ إِلَّا مِنْكَ، وَرَغْبَةِ مَنْ رَغِبَ عَنْ كُلِّ ثِقَةٍ إِلَّا عَنْكَ أَنْ تَهَبَ لِي إِيمَانًا أَقْدَمُ بِهِ عَلَيْكَ، وَأُوصِلُ بِهِ عِظَمَ الْوَسِيلَةِ إِلَيْكَ وَأَنْ تَهَبَ لِي يَقِينًا لَا تُوهِنُهُ بِشُبْهَةٍ إِفْكٍ، وَلَا تَهِنُهُ خَطْرَةُ شَكٍّ تُرَحِّبُ بِهِ صَدْرِي وَتُيَسِّرُ بِهِ أَمْرِي وَيَأْوِي إِلَى مَحَبَّتِكَ قَلْبِي حَتَّى لَا أَلْهُوَ عَنْ شُكْرِكَ وَلَا أَنْعَمُ إِلَّا بِذِكْرِكَ، يَا مَنْ لَا تَمَلُّ حَلَاوَةَ ذِكْرِهِ أَلَسْنُ الْخَائِفِينَ، وَلَا تَكِلُّ مِنَ الرَّغَبَاتِ إِلَيْهِ مَدَامِعُ الْخَاشِعِينَ، أَنْتَ مُنْتَهَى سَرَائِرِ قَلْبِي فِي خَفَايَا الْكَتْمِ، وَأَنْتَ مَوْضِعُ رَجَائِي بَيْنَ إِسْرَافِ الظُّلْمِ. مَنْ ذَا الَّذِي ذَاقَ حَلَاوَةَ مُنَاجَاتِكَ فَلَهَا بِمَرْضَاةِ بَشَرٍ عَنْ طَاعَتِكَ وَمَرْضَاتِكَ. رَبِّ أَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي شِدَّةِ السَّهْوِ عَنْكَ، وَأَبْلَيْتُ شَبَابِي فِي سَكْرَةِ التَّبَاعُدِ مِنْكَ، ثُمَّ لَمْ أَسْتَبْطِئْ لَكَ كَلَاءَةً وَمَنَعَةً فِي أَيَّامِ اغْتِرَارِي بِكَ وَرُكُونِي إِلَى سَبِيلِ سَخَطِكَ وَعَنْ جَهْلٍ، يَا رَبِّ قَرَّبَتْنِي الْغِرَّةُ إِلَى غَضَبَكِ، وَأَنَا عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ، قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْكَ مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إِلَيْكَ، فَلَا يُزِلْنِي عَنْ مُقَامِ أَقَمْتَنِي فِيهِ غَيْرُكَ، وَلَا يَنْقِلُنِي مِنْ مَوْقِفِ السَّلَامَةِ مِنْ نِعَمِكَ إِلَّا أَنْتَ، أَتَنَصَّلُ إِلَيْكَ بِمَا كُنْتُ أُوَاجِهُكَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ اسْتِحْيَائِي مِنْ نَظَرِكَ، وَأَطْلُبُ الْعَفْوَ مِنْكَ يَا رَبِّ إِذِ الْعَفْوُ نِعْمَةٌ لِكَرَمِكَ، يَا مَنْ يُعْصَى وَيُتَابُ إِلَيْهِ فَيَرْضَى كَأَنَّهُ لَمْ يُعْصَ بِكَرَمٍ لَا يُوصَفُ وَتَحَنُّنٍ لَا يُنْعَتُ، يَا حَنَّانُ بِشَفَقَتِهِ يَا مُتَجَاوِزًا بِعَظَمَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِي حَوْلٌ فَأَنْتَقِلُ عَنْ مَعْصِيَتِكَ إِلَّا فِي وَقْتِ أَيْقَظْتَنِي فِيهِ لِمَحَبَّتِكَ، وَكَمَا أَرَدْتَ أَنْ أَكُونَ كُنْتُ، وَكَمَا رَضِيتَ أَنْ أَقُولَ قُلْتُ، خَضَعْتُ لَكَ وَخَشَعْتُ لَكَ ⦗٣٣٥⦘ إِلَهِي لِتُعِزَّنِي بِإِدْخَالِي فِي طَاعَتِكَ، وَلْتَنْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ مَنْ نَادَيْتَهُ فَأَجَابَكَ وَاسْتَعْمَلْتَهُ بِمَعُونَتِكَ فَأَطَاعَكَ، يَا قَرِيبٌ لَا تَبْعُدُ عَنَ الْمُعْتَزِّينَ، وَيَا وَدُودُ لَا تَعْجَلُ عَلَى الْمُذْنِبِينَ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute