للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي الْعَقِبِ الدِّمَشْقِيُّ , فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ , نا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ , نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ , نا أَبُو أَحْمَدَ الْقَاصُّ , أَنْبَأَنَا مُوسَى الْخَيَّاطُ , عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: كَانَ شَابٌّ مِنْ شَبَابِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنَ التَّابِعِينَ ذَبُلَ مِنْ غَيْرِ سَقَمٍ وَانْحَنَى مِنْ غَيْرِ كِبَرٍ وَقَرِحَتِ الْجَبْهَةُ مِنَ السُّجُودِ وَصَارَ لِلدُّمُوعِ فِي خَدِّهِ أُخْدُودٌ قَالَ: فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ وَالِدَتُهُ لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَقَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْعَمَلِ الدَّائِمِ لَا يُمَلُّ , خَيْرٌ مِنَ الْكَثِيرِ يُمَلُّ , وَإِنِّي أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ رَآكَ عَلَى وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ عِبَادَتِهِ ثُمَّ يَرَاكَ بَعْدَ هَذِهِ قَدْ مَلِلْتَ وَفَتَرْتَ فَيَمْقُتُكَ يَا بُنَيَّ مَا لِي أَرَى النَّاسَ يَفْرَحُونَ وَأَرَاكَ حَزِينًا لَا تَفْرَحُ , وَأَرَاهُمْ يَهْدَءُونَ وَيَنَامُونَ وَأَرَاكَ صَائِمًا لَا تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ قَالَ لَهَا: يَا وَالِدَتِي ادْنِي مِنِّي جُزِيتِ عَنِّي الْحُسْنَى , إِنِّي تَفَكَّرْتُ فِي الْمَوْتِ فَرَأَيْتُ الْمَوْتَ لَا يَتْرُكُ الْكَبِيرَ وَلَا يَرْحَمُ الصَّغِيرَ يَا أُمَّاهُ جُزِيتِ عَنِّي الْحُسْنَى إِنَّ لِابْنِكِ غَدًا فِي الْقَبْرِ نَوْمًا طَوِيلًا وَإِنَّ لِابْنِكِ غَدًا فِي الْبَرْزَخِ لَحَبْسًا طَوِيلًا وَإِنَّ لِابْنِكِ غَدًا فِي الْبِلَى ذُلًّا كَثِيرًا يَا أُمَّتَاهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِالسِّبَاقِ وَغَايَةُ السِّبَاقِ الْجَنَّةُ إِنْ بَلَغْتُ الْغَايَةَ أَفْلَحْتُ وَإِنْ قَصُرْتُ عَنِ الْغَايَةِ هَلَكْتُ , يَا أُمَّتَاهُ إِنِّي فِي طَلَبِ مَنْزِلٍ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنِيَ وَيَنْفَعَكِ يَوْمًا قَالَ: فَانْصَرَفَتْ فَرَقَدَتْ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ أَتَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ لِي ابْنَا قَدْ ذَبُلَ مِنْ غَيْرِ سَقَمٍ وَانْحَنَى مِنْ غَيْرِ كِبَرٍ وَقَرِحَتْ جَبْهَتُهُ مِنَ السُّجُودِ وَصَارَتْ دُمُوعُهُ فِي خَدِّهِ أُخْدُودًا يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَنَامُونَ وَابْنِي لَا يَهْدَأُ وَلَا يَنَامُ وَالنَّاسُ يَأْكُلُونَ وَابْنِي صَائِمٌ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَيَفْرَحُ النَّاسُ وَيَضْحَكُونَ وَابْنِي حَزِينٌ لَا يَفْرَحُ وَلَا يَضْحَكُ وَأَنْتَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَرَّبْتَ مِنَ الْأُمُورِ مَا لَمْ نُجَرِّبْ وَرَأَيْتَ مِنْهَا مَا لَمْ نَرَ , فَهَلْ لَكَ أَنْ تَمْشِيَ ⦗٣٣⦘ مَعِي لَعَلَّكَ تَرَى أَثَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَمَشَى مَعَهَا فَلَمَّا دَخَلَ إِلَى ابْنِهَا نَظَرَ إِلَى نُورِ الْعِبَادَةِ يَتَّقِدُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا خَاطِبَ الْحُورِ الْعِينِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا طَالِبَ دَارِ السَّلَامِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا مَنِ اشْتَاقَ إِلَى أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ: فَحَدِّثْنِي. قَالَ: شَعَرْتُ يَا حَبِيبِي أَنَّهُ مَنْ دَخَلَ النَّارَ جَرِيحًا لَا يُدَاوَى جُرْحُهُ أَبَدًا وَشَعَرْتُ يَا حَبِيبِي أَنَّهُ مَنْ دَخَلَ النَّارَ كَسِيرًا لَا يُجْبَرُ كَسْرُهُ أَبَدًا , حَبِيبِي إِنَّ أَهْلَ النَّارِ مِنْهَا يَأْكُلُونَ وَمِنْهَا يَشْرَبُونَ وَفِي أَدْرَاكِهَا يَتَقَلَّبُونَ وَبِمَقَامِعِ الْحَدِيدِ إِلَى قَعْرِهَا يَضْرِبُونَ وَيُرَدُّونَ , قَالَ: فَصَعِقَ الْفَتَى صَعْقَةً خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ , قَالَ: فَأَتَتْ أُمُّهُ فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ قَالَتْ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ إِنَّمَا جِئْتُ بِكَ إِلَى ابْنِي لِتَعِظَهُ , وَلَمْ أَجِئْ بِكَ لِتَقْتُلَهُ قَالَ: فَصَبَّ عَلَى وَجْهِهِ مِنَ الْمَاءِ فَأَفَاقَ , قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يَا هَذَا إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِبَدَنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ قَالَ: يَا صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ مَا رَأَيْتَ الْخَيْلَ وَهِيَ فِي الْمَيْدَانِ؟ قَالَ: بَلَى قَدْ رَأَيْتُهَا قَالَ: فَأَيُّهَا رَأَيْتَ الْمُبَادِرَ؟ قَالَ: الْمُضْمَرُ الْمُخِفُّ قَالَ: فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُضْمِرَ نَفْسِي لَعَلَّ اللَّهَ يَبْلُغُ بِي غَايَةَ الْمُتَّقِينَ فَقَالَ لَهُ: وَفَّقَكَ اللَّهُ وَأَرْشَدَكَ "

<<  <  ج: ص:  >  >>