أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِي كِتَابِهِ حَاكِيًا , عَنِ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ أُرِيدُ الرِّبَاطَ إِلَى عَبَّادَانَ فَصَحِبَنِي عَلِيٌّ الْجُرْجَانِيُّ فِي الزَّوْرَقِ فَلَمَّا حَضَرَ وَقْتُ إِفْطَارِي أَخْرَجْتُ قُرْصَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَمِلْحًا مَدْقُوقًا وَقُلْتُ لِعَلِيٍّ: هَلُمَّ يَا أَبَا الْحَسَنِ، قَالَ: فَجَعَلَ يُطِيلُ النَّظَرَ إِلَى الرَّغِيفَيْنِ وَالْمِلْحِ ثُمَّ إِنَّهُ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا سَرِيُّ مِلْحُكَ مَدْقُوقٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: يَا سَرِيُّ، لَيْسَ تُفْلِحُ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: يَا سَرِيُّ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ خُبْزَ الشَّعِيرِ وَالْمِلْحَ الْجَرِيشَ يُنَوِّرُ الْقَلْبَ، فَجَعَلَ يَتَرَدَّدُ فِي صَدْرِي فَلَمَّا قَرُبْنَا مِنْ عَبَّادَانَ وَأَرَدْنَا أَنْ نَفْتَرِقَ قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، كَلِمَةً أَحْفَظُهَا عَنْكَ، قَالَ: أَوَ تَفْعَلُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ أَفْعَلُ فَقَالَ لِي: يَا سَرِيُّ احْفَظْ عَنِّي خَمْسَ خِصَالٍ إِنْ أَنْتَ حَفِظْتَهَا لَا تُبَالِي مَا ضَيَّعْتَ بَعْدَهُنَّ، قُلْتُ: وَمَا هُنَّ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: " يَا سَرِيُّ عَانَقِ الْفَقْرَ وَتَوَسَّدِ الصَّبْرَ وَعَادِ الشَّهَوَاتِ وَخَالِفِ الْهَوَى وَاضْرَعْ إِلَى اللَّهِ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ فَإِذَا كُنْتَ كَذَاكَ وَهَبَ اللَّهُ لَكَ خَمْسًا، قُلْتُ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشُّكْرُ وَالرِّضَا وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَالصَّبْرُ عَلَى الْبَلَاءِ، ثُمَّ تَدْفَعُكَ هَذِهِ إِلَى خَمْسٍ إِلَى الْوَرَعِ الْخَفِيِّ وَتَصْفِيَةِ الْقُلُوبِ وَتَرْكِ مَا حَاكَ فِي الصُّدُورِ وَتَرْكِ مَا لَا يَعْنِيكَ وَتَرْكِ الْفُضُولِ لِحِفْظِ الْجَوَارِحِ ثُمَّ تَمُدُّكَ بِخَمْسٍ: بِحَيَاةِ الْقُلُوبِ وَصَفَاءِ الِاعْتِبَارِ وَالْفَهْمِ ⦗١١٢⦘ عَنِ اللَّهِ، وَالتَيَقُّظِ مِنَ الْغَفْلَةِ وَمُسَاعَدَةِ الْأَوْطَانِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، فَعِنْدَهَا يُرِيدُكَ اللَّهُ بِخَمْسَةِ أَرْدِيَةٍ: اللُّطْفُ وَالْحِلْمُ وَالرَّأْفَةُ وَالرَّحْمَةُ لِلْعَالِمِ وَهَيْبَةُ النَّارِ، إِذَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهَا ذَكَرْتَ اللَّهَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَيَلْزَمُ قَلْبُكَ خَمْسًا: السِّبَاقَ وَالْبِدَارَ وَالتَّصَبُّرَ عَنِ الْحَرَامِ وَصِدْقَ الِانْقِطَاعِ وَصِحَّةَ الْإِرَادَةِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute