للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، فِي كِتَابِهِ وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ السَّرِيَّ بْنَ الْمُغَلِّسِ، يَقُولُ: " لَوْ أَحْسَسْتُ بِإِنْسَانٍ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيَّ فَقُلْتُ بِلِحْيَتِي كَذَا وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى لِحْيَتِهِ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ تَسْوِيَتَهَا مِنْ أَجْلِ دُخُولِ الدَّاخِلِ لَخِفْتُ أَنْ يُعَذِّبَنِيَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّارِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ، يَقُولُ: إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى أَنْفِي كُلَّ يَوْمٍ مِرَارًا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ وَجْهِي قَدِ اسْوَدَّ، قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ، يَقُولُ: مَا أُحِبُّ أَنْ أَمُوتَ حَيْثُ أَعْرِفُ فَقِيلَ لَهُ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ لَا يَقْبَلَنِي قَبْرِي فَأَفْتَضِحَ، قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ، يَقُولُ: إِنَّ نَفْسِي تُنَازِعُنِي أَنِ اغْمِسَ جَزْرَةً فِي دِبْسٍ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً فَمَا يُمْكِنُنِي، قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ، يَقُولُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ آكُلَ أُكْلَةً لَيْسَ لِلَّهِ عَلَيَّ فِيهَا تَبِعَةٌ وَلَا لِمَخْلُوقٍ فِيهَا مِنَّةٌ، فَمَا أَجِدُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ، يَقُولُ: خَرَجْنَا يَوْمًا مِنْ مَكَّةَ نُرِيدُ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ فَلَمَّا أَصْحَرْنَا رَأَيْتُ فِيَ مَجْرَى السَّيْلِ طَاقَةَ بَقْلٍ فَمَدَدْتُ يَدِي فَأَخَذْتُهَا وَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ حَلَالًا لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ فِيهَا مِنَّةٌ فَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ رَآنِي وَقَدْ أَخَذْتُهَا: يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا مِثْلُ تِلْكَ الطَّاقَةِ فَقَالَ لِي: خُذْ هَذَا مِنْ نَائِبِكَ، فَقُلْتُ لَهُ: الطَّاقَةُ الْأُولَى لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا مِنَّةٌ وَهَذَا بَدَلًا لَعَلَّكَ تُرِيدُ لَكَ عَلَيَّ فِيهِ مِنَّةً، إِنَّمَا أُرِيدُ مَا لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ مِنَّةٌ، وَلَا لِلَّهِ فِيهِ تَبِعَةٌ قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ، يَقُولُ: كَانَ أَهْلُ الْوَرَعِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَرْبَعَةً: حُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ، وَيُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، وَسُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ فَنَظَرُوا فِي الْوَرَعِ فَلَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْهِمِ الْأُمُورُ فَزِعُوا إِلَى التَّقَلُّلِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ، يَقُولُ: كُنْتُ بِطَرَسُوسَ وَكَانَ مَعِي فِي الدَّارِ فَتَيَانُ ⦗١١٧⦘ مُتَعَبِّدُونَ وَكَانَ فِي الدَّارِ تَنُّورٌ يَخْبِزُونَ فِيهِ فَانْكَسَرَ التَّنُّورُ فَعَمِلْتُ لَهُمْ بَدَلَهُ مِنْ مَالِي فَتَوَرَّعُوا أَنْ يَخْتَبِزُوا فِيهِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ الْغَسُولِيَّ، كَانَ يَلْزَمُ الثَّغْرَ وَيَغْزُو وَكَانَ إِذَا غَزَا وَدَخَلُوا بِلَادَ الرُّومِ أَكَلَ أَصْحَابُهُ مِنْ طَعَامِ الرُّومِ وَفَوَاكِهِهِمْ فَيَقُولُ أَبُو يُوسُفَ: لَا آكُلُ فَيقَالُ لَهُ: تَشُكُّ أَنَّهُ حَلَالٌ فَيَقُولُ: لَا أَشُكُّ هُوَ حَلَالٌ، فَيقَالُ لَهُ: فَكُلْ مِنَ الْحَلَالِ، فَيَقُولُ: إِنَّمَا الزُّهْدُ فِي الْحَلَالِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ السَّرِيَّ، يَذُمُّ مَنْ يَأْكُلُ بِدِينِهِ وَيَقُولُ: مِنَ النَّذَالَةِ أَنْ يَأْكُلَ الْعَبْدُ بِدِينِهِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>