حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا الْحَسَنُ بْنُ أَبَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا أَبُو أَيُّوبَ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ نَظَرَ إِلَى الدُّنْيَا بِغَيْرِ عَيْنِ الْعِبْرَةِ انْطَمَسَ مِنْ بَصَرِ قَلْبِهِ بِقَدْرِ تِلْكَ الْغَفْلَةِ وَمَنْ أَنَارَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِوَضُوءِ مَصَابِيحِ الْعِبَرِ لَمْ يَمَلَّ الْفِكَرَ وَمَنْ لَمْ يَمَلَّهَا لَمْ تُطْفَأْ مَصَابِيحُ عِبَرِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: احْذَرْ إِيثَارَ الْعِدَّةِ وَالْمَيْلَ إِلَى الْهُوَيْنَا وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصَبَ نَصَبَانِ: أَحَدُهُمَا التَّفَكُّرُ الْمُؤْلِمُ وَإِنْ أَنْزَلْتَ نَفْسَكَ مَنَازِلَ الْخَفْضِ وَالدَّعَةِ وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الدُّنْيَا وَعُمَّالُ الْمَعَادِ عَلَى بَذْلِ النَّصَبِ فِي الدَّعَةِ فَلَا تَشِذَّنَّ عَنِ الْفَرِيقَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَوْلَى الْفَرِيقَيْنِ بِكَ أَنْ تَكُونَ بِهِ مُقْتَدِيًا بِأَعْمَالِ الْمَعَادِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ بَذْلِهِمْ فِي طَلَبِ مَا عِنْدَ رَبِّهِمْ أَنَّهُمْ بَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِالدُّءُوبِ فِي التَّفْكِيرِ الْمُؤْلِمِ وَبَاشَرُوا بِأَبْدَانِهِمُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ عَلَى الْجَوَارِحِ فَإِنِ ابْتَغَيْتَ سَبِيلَهُمْ فَاجْمَعْ إِلَيْكَ هَمَّكَ لِيَحْضُرَ عَقْلُكَ فَيَجُولَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَاعْلَمْ أَنَّ بِنْيَةَ الْقَلْبِ بِنْيَةٌ لَا امْتِنَاعَ بِهَا عَنْ مُحَارَبَةِ عَدُوِّهَا وَلَا عَجَزَ بَعَدُوِّهَا عَنْ مُحَارَبَتِها، وَقَدْ أُعْطِيتَ عُدُولًا عُلَمَاءَ بِدَائِكَ وَدَوَائِكَ وَهُوَ مُسَبِّبٌ إِلَيْكَ الدَّاءَ وَقَاطِعٌ عَنْكَ مَعَانِيَ الشِّفَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute