للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا أَبِي , ثنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْبَنَّاءُ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيِّ , عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: " صَعِدْتُ جَبَلَ لُبْنَانَ فَإِذَا بِرَجُلٍ عَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ مُفَتَّقَةُ الْأَكْمَامِ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: لَا تُبَاعُ وَلَا تُشْتَرَى , قَدِ اتَّزَرَ بِمِئْزَرِ الْخُشُوعِ وَاتَّشَحَ بِرِدَاءِ الْقُنُوعِ وَتَعَمَّمَ بِعِمَامَةِ التَّوَكُّلِ , فَلَمَّا رَآنِي اخْتَفَى وَرَاءَ شَجَرَةٍ فَنَاشَدْتُهُ بِاللَّهِ فَظَهَرَ فَقُلْتُ: إِنَّكُمْ مَعَاشِرَ الْعُبَّادِ تَصْبِرُونَ عَلَى الْوَحْدَةِ وَتُقَاسُونَ فِي هَذِهِ الْقِفَارِ الْوَحْشَةَ , فَضَحِكَ وَوَضَعَ كُمَّهُ عَلَى رَأْسِهِ وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

[البحر الخفيف]

يَا حَبِيبَ الْقُلُوبِ مَنْ لِي سِوَاكَا ... ارْحَمُ الْيَوْمَ مُذْنِبًا قَدْ أَتَاكَا

أَنْتَ سُؤْلِي وَبُغْيَتِي وَسُروُرِي ... قَدْ أَبَى الْقَلْبُ أَنْ يُحِبَّ سِوَاكَا

يَا مُنَايَ وَسَيِّدِي وَاعْتِمَادِي ... طَالَ شَوْقِي مَتَى يَكُونُ لُقَاكَا

لَيْسَ سُؤْلِي مِنَ الْجِنَانِ نَعِيمًا ... غَيْرَ أَنِّي أُرِيدُهَا لِأَرَاكَا

قَالَ: ثُمَّ غَابَ عَنِّي فَتَعَاهَدْتُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ سَنَةً لِأَقَعَ عَلَيْهِ فَلَمْ أَرَهُ , فَلَقِيَنِي غُلَامُ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ وَأَعْطَيْتُهُ صِفَتَهُ فَبَكَى وَقَالَ: وَاشَوْقَاهُ إِلَى نَظْرَةٍ أُخْرَى مِنْهُ , فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: ذَاكَ عَبَّاسٌ الْمَجْنُونُ يَأْكُلُ فِي شَهْرٍ أَكْلَتَيْنِ مِنْ ثِمَارِ الشَّجَرِ أَوْ نَبَاتِ الْأَرْضِ يَتَعَبَّدُ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً "

<<  <  ج: ص:  >  >>