سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ الْهَرَوِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ يَتِيمَكَ الرَّازِيَّ، يَقُولُ: لَمَّا وَرَدَ كِتَابُ يُوسُفَ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَى الْجُنَيْدِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَرَاهُ مِنْ حُسْنِ كَلَامِهِ فَخَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ زَائِرًا لَهُ فَلَمَّا جِئْتُ الرِّيَّ سَأَلْتُ عَنْ دَارِ يُوسُفَ فَقَالُوا: أَيْشِ تَعْمَلُ بِهِ؟ هُوَ رَجُلٌ زِنْدِيقٌ فَسَأَلْتُ حَتَّى دُلِلْتُ عَلَيْهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَلَمَّا وَقَعَتْ عَيْنِي عَلَيْهِ امْتَلَأْتُ هَيْبَةً مِنْ رُؤْيَتِهِ وَكَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَأُ فِيهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ بَغْدَادَ، قَالَ: وَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ جِئْتَ؟ قُلْتُ: زَائِرًا إِلَيْكَ فَقَالَ لِي: " لَوْ قَالَ لَكَ بِحُلْوَانَ أَوْ بِقُرَمَيْسِينَ أَوْ بِهَمَدَانَ رَجُلٌ تُقِيمُ عِنْدِي حَتَّى أَقُومَ بِكِفَايَتِكَ فأَشْتَرِي لَكَ جَارِيَةً وَدَارًا، كَانَ ذَلِكَ يَمْنَعُكَ مِنْ زِيَارَتِي؟ قُلْتُ: مَا ابْتُلِيتُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَلَوْ كَانَ بَدَا لِي لَا أَدْرِي كَيْفَ كُنْتُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؟ قَالَ: أُعِيذُكَ بِاللَّهِ، أَنْتَ كَيِّسٌ، عَسَى تَقُولُ شَيْئًا، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: غَنِّ لِي فَابْتَدَأْتُ فَقُلْتُ:
[البحر الطويل]
رَأَيْتُكَ تَبْنِي دَائِبًا فِي قَطِيعَتِي ... وَلَوْ كُنْتَ ذَا حَزْمٍ لَهَدَّمْتَ مَا تَبْنِي
كَأَنِّي بِكُمْ وَاللُّبْثُ أَفْضَلُ قَوْلِكُمْ ... أَلَا لَيْتَنَا نَبْنِي إِذَا اللُّبْثُ لَا يُغْنِي
قَالَ: فَبَكَى حَتَّى ابْتَلَّ الْمُصْحَفُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ أَلُومُ أَهْلَ الرِّيِّ أَنْ يَقُولُوا: يُوسُفُ بْنُ الْحُسَيْنِ زِنْدِيقٌ، أَنَا مِنَ الْغَدَاةِ، أَقْرَأُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا أَبْكِي، وَقُلْتُ: أَنْتَ ذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ أَبْصِرْ أَيَّ شَيْءٍ وَقَعَ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute