أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، فِي كِتَابِهِ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: " دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى سَرِيٍّ السَّقَطَيِّ فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ هَمًّا فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ أَرَى عَلَيْكَ هَمًّا فَقَالَ: السَّاعَةَ دَقَّ عَلَيَّ دَاقٌّ الْبَابَ فَقُلْتُ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ عَلَيَّ شَابٌّ فِي حُدُودِ الْإِرَادَةِ فَسَأَلَنِي عَنْ مَعْنَى التَّوْبَةِ، فَأَخْبَرْتُهُ وَسَأَلَنِي عَنْ شَرْطِ التَّوْبَةِ، فَأَنْبَأْتُهُ فَقَالَ: هَذَا مَعْنَى التَّوْبَةِ وَهَذَا شَرْطُهَا، فَمَا حَقِيقَتُهَا؟ فَقُلْتُ: حَقِيقَةُ التَّوْبَةِ عِنْدَكُمْ أَنْ لَا تَنْسَى مَا مِنْ أَجْلِهِ كَانَتِ التَّوْبَةُ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا، فَقُلْتُ لَهُ: فَمَا حَقِيقَةُ التَّوْبَةِ عِنْدَكُمْ؟ فَقَالَ: حَقِيقَةَ التَّوْبَةِ أَلَا تَذْكُرَ مَا مِنْ أَجْلِهِ كَانَتِ التَّوْبَةُ، وَأَنَا أَفَكِّرُ فِي كَلَامِهِ، قَالَ الْجُنَيْدُ: فَقُلْتُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ، قَالَ: فَقَالَ لِي: يَا جُنَيْدُ، وَمَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ؟ فَقَالَ: يَا أَسْتَاذُ إِذَا كُنْتُ مَعَكَ فِي حَالِ الْجَفَاءِ وَنَقَلْتَنِي مِنْ حَالِ الْجَفَاءِ إِلَى حَالِ الصَّفَاءِ فَذِكْرِي لِلْجَفَاءِ فِي حَالِ الصَّفَاءِ غَفْلَةٌ، قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا آخَرَ فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ هَمًّا فَقُلْتُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ أَرَاكَ مَشْغُولَ الْقَلْبِ، فَقَالَ: أَمْسِ كُنْتُ فِي الْجَامِعِ فَوَقَفَ عَلَيَّ شَابٌّ وَقَالَ لِي: أَيُّهَا الشَّيْخُ، أَيَعْلَمُ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ قَبِلَهُ؟ فَقُلْتُ: لَا يَعْلَمُ، فَقَالَ: بَلَى يَعْلَمُ، وَقَالَ لِي ثَانِيًا: بَلَى يَعْلَمُ، فَقُلْتُ لَهُ: فَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ؟ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَصَمَنِي مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ وَوَفَّقَنِي لِكُلِّ طَاعَةٍ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ قَبِلَنِي "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute