للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عُثْمَانَ، يَقُولُ ⦗٢٩٣⦘: " إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الِاخْتِبَارَ مَوْصُولًا بِالِاخْتِيَارِ، وَالْإِجَابَةَ مُؤَدَّاةً إِلَى الْأَبْرَارِ بِتَوْفِيقِ هِدَايَتِهِ وَابْتِدَاءِ رَأْفَتِهِ وَجَعَلَ رَحْمَتَهُ مِفْتَاحًا لِكُلِّ خَيْرٍ فِي أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ، فَكَانَ مِمَّا اخْتَارَ لِنَفْسِهِ عِبَادًا اتَّخَذَهُمْ لِنَفْسِهِ وَرَضِيَهُمْ لِعِبَادَتِهِ وَاصْطَنَعَهُمْ لِخِدْمَتِهِ وَاجْتَبَاهُمْ لِمَحَبَّتِهِ وَنَصَبَهُمْ لِدَعْوَتِهِ وَأَبْرَزَهُمْ لِإِجَابَتِهِ وَاسْتَعَمَلَهُمْ بِمَرْضَاتِهِ فَأَلَطْفَ لَهُمْ فِي الدَّعْوَةِ بِاخْتِصَاصِ الْمِنَّةِ فَأَظْهَرَ دَعْوَتَهُ فِي قُلُوبِهِمْ بِإِظْهَارِ صُنْعِهِ وَصَنَعَائِهِ وَمَا غَذَّاهُمْ بِهِ مِنْ لُطْفِهِ وَأَلْطَافِهِ وَبِرِّهِ وَنَعْمَائِهِ فَوَطَّأَ لَهُمُ الطَّرِيقَ وَكَشَفَ عَنْ قُلُوبِهِمْ فَسَارَعَتْ قُلُوبُهُمْ بِإِجَابَةِ التَّحْقِيقِ وَذَلِكَ لَمَّا عَرَفُوا وَاسْتَبَانُوا مِمَّا بِهِ اللَّهَ دَانُوا مِمَّا تَعَرَّفَ بِهِ إِلَيْهِمْ مِنَ الْبِرِّ وَالتُّحَفِ وَالْكَرَامَاتِ وَالطُّرَفِ وَالْفَوَائِدِ السَّنِيَّةِ وَالْمَوَاهِبِ الْهَنِيَّةِ فَسَارَعَتْ لِإِجَابَتِهِ بِخَالِصِ مُوَافَقَتِهِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ مُخَالَفَتِهِ وَالْعَطْفِ عَلَى كُلِّ مَا عَطَفَ بِهِ عَلَيْهَا وَالْإِقْبَالِ عَلَى كُلِّ مَا دَعَاهَا إِلَيْهِ بِلَا تَثَبُّطٍ فِي مَسِيرٍ وَلَا الْتِفَاتٍ فِي جَدٍّ وَلَا تَشْمِيرٍ فَوَصَلُوا الْغُدُوَّ بِالتَّبْكِيرِ وَقَطَعُوا فِيهَا الْعَلَائِقَ وَانْفَرَدُوا بِهِ دُونَ الْخَلَائِقِ فَسَارُوا سَيْرَ مُتَقَدِّمِينَ وَجَدُّوا جِدَّ مُعْتَزِمِينَ وَحَثُّوا حَثَّ مُبَادِرِينَ وَدَامُوا مُدَاوَمَةَ مُلَازِمِينَ وَانْتَصَبُوا انْتِصَابَ خَائِفِينَ لِلْفَوْتِ وَالْحِرْمَانِ، وَخَوْفَ السَّلَبِ لِمَا تَقَدَّمَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْإِحْسَانِ فعَبَدُوهُ بِأَبْدَانٍ خِفَافٍ وَعَامَلُوهُ بِفِطَنٍ لِطَافٍ وَقَصَدُوهُ بِإِرَادَاتٍ صَادِقَةٍ وَهِمَمٍ خَالِصَةٍ وَرَغَبَاتٍ طَامِحَةٍ وَقُلُوبٍ صَافِيَةٍ فَابْتَدَءُوا مِنْ مُعَامَلَةِ اللَّهِ فِيمَا بِهِ ابْتَدَأَهُمْ حِينَ دَعَاهُمْ إِذْ يَقُولُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: ٢٤]، فَطَلَبُوا طَيِّبَ الْحَيَاةِ بِإِخْلَاصِ الْإِجَابَةِ وَعَمِلُوا فِي الظَّفَرِ بِالْحَيَاةِ إِذَا دَعَاهُمُ اللَّهُ إِلَيْهَا وَنَبَهَّهُمْ بِلُطْفِهِ عَلَيْهَا فَجَعَلُوا إِقَامَتَهُمْ وَإِرَادَتَهُمْ وَأَمَلَهُمِ وَمُنَاهُمُ الظَّفَرَ بِالْحَيَاةِ فَعَمِلُوا فِي تَحْقِيقِ مُوجِبَاتِهَا فِي الْأَحْوَالِ الْوَارِدَةِ بِهِمْ عَلَيْهَا "

<<  <  ج: ص:  >  >>