سَمِعْتُ عَبْدَ الْمُنْعِمِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ: سَمِعْتُ الْكَتَّانِيَّ، يَقُولُ: قَالَ مُنْيَةُ الْبَصْرِيُّ: سَافَرْتُ مَعَ أَبِي أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيِّ فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا فَفُتِحَ عَلَيْنَا بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ فَآثَرَنِي بِهِ وَكَانَ مَعَنَا سَوِيقٌ، فَقَالَ لِي كَالْمَازِحِ: «تَكُونُ جَمَلِي؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَكَانَ يُؤْجِرُنِي ذَلِكَ السَّوِيقَ يَحْتَالُ بِذَلِكَ أَنْ يُؤْثِرَنِي عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ قَدْ صَحِبَ أَبَا مُحَمَّدٍ الرِّبَاطِيَّ الْمَرْوَزِيَّ وَسَلَكَ مَعَهُ الْبَادِيَةَ وَوَرِثَ عَنْهُ هَذِهِ الْأَخْلَاقَ الْحَمِيدَةَ وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَمِيرَ فِي سَفَرِهِمَا، فَحَكَى عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُطْعِمُهُ وَيَجُوعُ وَيَسْقِيهِ وَيَعْطَشُ وَيُؤْثِرُهُ بِأَسْبَابِ الرِّفْقِ، وَذَكَرَ أَنَّ مَطَرًا أَصَابَهُمَا فِي رِيَاحٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ بِالْبَادِيَةِ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ، اطْلُبِ الْمَيْلَ فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى الْمَيْلِ أَقْعَدَنِي فِي أَصْلِهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَجَلَّلَنِي بِكِسَاءٍ كَانَ مَعَهُ فَوْقَ ظَهْرِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ حَتَّى صِرْتُ كَأَنِّي فِي بَيْتٍ لَا يُصِيبُنِي الْمَطَرُ وَلَا الرِّيَاحُ , فَكُلَّمَا قُلْتُ لَهُ، قَالَ: لَا تَعْتَرِضْ عَلَيَّ ⦗٣٠٧⦘ وَأَنَا الْأَمِيرُ، وَكَانَ أَبُو حَمْزَةَ وَابْنُ وَهْبٍ وَجَمَاعَةُ الْمَشَايخِ يُكْرِمُونَهُ وَيُقَدِّمُونَهُ عَلَى غَيْرِهِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute