للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَكَى ⦗٣٢٢⦘ عَنْهُ خَيْرٌ النَّسَّاجُ قَالَ: قَالَ أَبُو حَمْزَةَ: " إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللَّهِ أَنْ أَدْخُلَ الْبَادِيَةَ عَلَى شِبَعٍ وَأَنَا مُعْتَقِدٌ لِلتَّوَكُّلِ فَيَكُونُ شِبَعِي زَادًا تَزَوَّدْتُهُ وَسُئِلَ عَنِ الْأُنْسِ، فَقَالَ: ضِيقُ الصَّدْرِ مِنْ مُعَاشَرَةِ الْخَلْقِ، وَكَانَ يَقُولُ: مَنِ اسْتَشْعَرَ الْمَوْتَ حُبِّبَ إِلَيْهِ كُلُّ بَاقٍ وَبُغِّضَ إِلَيْهِ كُلُّ فَانٍ، وَمَنِ اسْتَوْحَشَ مِنْ نَفْسِهِ أَنِسَ قَلْبُهُ بِمُوَافَقَةِ مَوْلَاهُ وَقَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: خَفْ سَطْوَةَ الْعَدْلِ وَارْجُ دِقَّةَ الْفَضْلِ وَلَا تَأْمَنْ مُكْرَهُ وَإِنْ أَنْزَلَكَ الْجِنَّانَ فَفِي الْجَنَّةِ وَقَعَ لِأَبِيكَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا وَقَعَ وَقَدْ يُقْطَعُ بِقَوْمٍ فِيهَا فَيقَالُ لَهُمْ: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: ٢٤]، فَشَغَلَهُمْ عَنْهُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَا مَكْرَ فَوْقَ هَذَا، وَلَا حَسْرَةَ أَعْظَمُ مِنْهُ وَسُئِلَ: أَيَفْزَعُ الْمُحِبُّ إِلَى شَيْءٍ سِوَى مَحْبُوبِهِ؟ فَقَالَ: لَا إِنَّهُ بَلَاءٌ دَائِمٌ وَسُرُورٌ مُنْقَطِعٌ وَأَوْجَاعٌ مُتَّصِلَةٌ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا مَنْ بَاشَرَهَا وَأَنْشَدَ:

[البحر الطويل]

يُلَاقِي الْمُلَاقِي شَجْوَهُ دُونَ غَيْرِهِ ... وَكُلُّ بَلَاءٍ عِنْدَ لَاقِيهِ أَوَجَعُ

وَكَانَ يَقُولُ: مَنْ نَصَحَ لِنَفْسِهِ كَرُمَتْ عَلَيْهِ وَمَنْ تَشَاغَلَ عَنْ نَصِيحَتِهَا هَانَتْ عَلَيْهِ وَمَنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِنَظْرَةِ شَفَقَةٍ فَإِنَّ تِلْكَ النَّظْرَةَ تُنْزِلُهُ مَنَازِلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَتُزَيِّنُهُ بِالصِّدْقِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَالْعَارِفُ يَخَافُ زَوَالَ مَا أُعْطِيَ وَالْخَائِفُ يَخَافُ نُزُولَ مَا وُعِدَ وَالْعَارِفُ يُدَافِعُ عَيْشَهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَيَأْخُذُ عَيْشَهُ لِيَوْمٍ "

<<  <  ج: ص:  >  >>