ذَكَرَ لِي أَبُو بَكْرٍ الْمُفِيدُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصِ قَالَ: " دَخَلْتُ مَسْجِدَ التَّوْبَةِ فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحِيمِ مُسْتَنِدًا إِلَى سَارِيَةٍ فَقُلْتُ لِلْقَيِّمِ: مَتَى قَعَدَ هَذَا الرَّجُلُ هَاهُنَا؟ فَقَالَ: الْيَوْمَ، ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ قَاعِدًا عَلَى مَا تَرَاهُ لَمْ يَخْرُجْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، فَقَعَدْتُ بِحِذَائِهِ فَلَمَّا أَمْسَيْنَا قُلْتُ لَهُ: أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ حَتَّى أَحْمِلَهُ وَنَأْكُلَ؟ فَسَكَتَ عَنِّي فَكَرَّرْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ: أُرِيدُ مَصْلِيَّةً مُعْقَدَةً وَخُبْزًا حَارًّا، فَخَرَجْتُ إِلَى بَابِ الشَّامِ فَطَلَبْتُ ذَلِكَ فَلَمْ أَجِدْهُ فَعَاتَبْتُ نَفْسِي وَقُلْتُ: يَا فُضُولِيُّ، مَنْ دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَسْتَدْعِيَ شَهْوَتَهُ؟ لَوِ اشْتَرَيْتُ خُبْزًا وَإِدَامًا وَحَمَلْتُ اسْتَغْنَيْتُ عَنْ ذَلِكَ، وَرَجَعْتُ مُغْتَمًّا إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَجُلٌ يَدُقُّ بَابَ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ: مَنْ؟ فَقَالَ: افْتَحْ، فَفَتَحْتُ فَإِذَا عَلَى رَأْسِهِ زِنْبِيلٌ فَحَطَّهُ وَقَالَ لِي: أَسْأَلُكُ أَنْ يَأْكُلَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ مِنْ هَذَا الطَّعَامِ، فَأَخْرَجَ مِنْهُ خُبْزًا حَارًّا وَمَصْلِيَّةً مُعْقَدَةً فِي قِدْرٍ فَبُهِتُّ وَقُلْتُ: لَا نَمَسُّهُ حَتَّى تُخْبِرَنِي بِهِ فَقَالَ: أَنا رَجُلٌ صَانِعٌ وَاشْتَهَيْتُ مَصْلِيَّةً مُعْقَدَةً وَخُبْزًا حَارًّا فَاشْتَرَيْتُ اللَّحْمَ وَمَا يُصْلِحُهُ وَأَمَرَتْهُمْ بِطَبْخِهِ وَأَنْ يَخْبُزُوا خُبْزًا حَارًّا وَجِئْتُ الْعَتَمَةَ مِنَ الدُّكَّانِ وَبَعْدَ مَا فَرَغَ مِنْهُ مَا كَانَ خَبَزَ الْخُبْزَ فَحَلَفْتُ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ أَوِ الْمَصْلِيَّةِ أَحَدٌ إِلَّا مَنْ فِي مَسْجِدِ التَّوْبَةِ فَأُحِبُّ أَنْ تَأْكُلُوهُ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَرَفَعْتُ رَأْسِي وَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي، أَنْتَ أَرَدْتَ أَنْ تُطْعِمَهُ لِمَ غَمَمْتَنِي فِي الْوَسَطِ؟ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute