سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْقَلَانِسِيَّ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، يَحْكِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الزَّقَّاقِ قَالَ: " بَقِيتُ بِمَكَّةَ عِشْرِينَ سَنَةً وَكُنْتُ أَشْتَهِي اللَّبَنَ فَغَلَبَتْنِي نَفْسِي فَخَرَجْتُ إِلَى عَسَفَانَ وَاسْتَضَفْتُ حَيًّا مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَوَقَفَتْ عَلَيَّ جَارِيَةٌ حَسْنَاءُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا بِعَيْنِي الْيمْنَى فَأَخَذَتْ بِقَلْبِي فَقُلْتُ لَهَا: قَدْ أَخَذَ كُلِّي كُلُّكِ فَمَا فِيَّ لِغَيْرِكِ فَضْلٌ، فَقَالَتْ: يَا شَيْخُ بِكَ تَقْبُحُ الدَّعَاوَى الْعَالِيَةُ، لَوْ كُنْتَ صَادِقًا لَذَهَبَتْ عَنْكَ شَهْوَةُ اللَّبَنِ، فَقَلَعْتُ عَيْنِي الَّتِي نَظَرْتُ بِهَا إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: مِثْلُكَ مَنْ نَظَرَ لِلَّهِ، فَرَجَعْتُ إِلَى مَكَّةَ فَطُفْتُ سَبْعًا فَرَأَيْتُ فِيَ مَنَامِي يُوسُفَ الصِّدِّيقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَكَ بِسَلَامَتِكَ مِنْ زُلَيْخَا فَقَالَ: يَا مُبَارَكُ، بَلْ يُقِرُّ اللَّهُ عَيْنَكَ بِسَلَامَتِكَ مِنَ الْعَسَفَانِيَّةِ ثُمَّ تَلَا يُوسُفُ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: ٤٦]، فَصِحْتُ مِنْ رَخَامَةِ صَوْتِ يُوسُفَ وَقِرَاءَتِهِ فَأَفَقْتُ وَإِذَا عَيْنِي الْمَقْلُوعَةُ صَحِيحَةٌ، وَكَانَ يَقُولُ: لَيْسَ السَّخَاءُ عَطِيَّةَ الْوَاحِدِ لِلْمَعْدُومِ إِنَّمَا السَّخَاءُ عَطِيَّةُ الْمَعْدُومِ لِلْوَاحِدِ وَكَانَ يَقُولُ: مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً مَا عَقَدْتُ عُقْدَةً وَاحِدَةً مَعَ اللَّهِ خَوْفَ أَنْ لَا أَفِيَ بِهِ فَيُكَذِّبَنِي عَلَى لِسَانِي "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute