الدُّنْيَا الْغُمُومُ وَالْأَحْزَانُ، فِي الْآخِرَةِ النَّارُ وَالْحِسَابُ فَأَيْنَ الرَّاحَةُ وَالْفَرَحُ إِلَهِي خَلَقْتَنِي وَلَمْ تُؤَامِرْني فِي خَلْقِي وَأَسْكَنْتَنِي بَلَايَا الدُّنْيَا ثُمَّ قُلْتَ لِي: اسْتَمْسِكْ فَكَيْفَ أسْتَمْسِكْ إِنْ لَمْ تُمَسِّكْني؟ إِلَهِي إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنْ لَوْ كَانَتْ لِي الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا ثُمَّ سَأَلْتِنِيهَا لَجَعَلْتُهَا لَكَ فَهَبْ لِي نَفْسِي وَكَانَ يَقُولُ: لَذَّاتُ الدُّنْيَا أَرْبَعَةٌ: الْمَالُ وَالنِّسَاءُ وَالنَّوْمُ وَالطَّعَامُ، فَأَمَّا الْمَالُ وَالنِّسَاءُ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهِمَا، وَأَمَّا النَّوْمُ وَالطَّعَامُ فَلَا بُدَّ لِي مِنْهُمَا فَوَاللهِ لَأَضُرَّنَ بِهِمَا جَهْدِي وَلَقَدْ كَانَ يَبِيتُ قَائِمًا وَيَظَلُّ صَائِمًا وَلَقَدْ كَانَ إِبْلِيسُ يَلْتَوِي فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَإِذَا مَا وَجَدَ رِيحَهُ نَحَّاهُ بِيَدِهِ ثُمَّ يَقُولُ: لَوْلَا نَتَنُكَ لَمْ أَزَلْ عَلَيْكَ سَاجِدًا وَهُوَ يَتَمَثَّلُ كَهَيْئَةِ الْحَيَّةِ وَرَأَيْتُهُ وَهُوَ يصَلَّى فَيَدْخُلُ تَحْتَ قَمِيصِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ كُمِّهِ وَثِيَابِهِ فَلَا يَحِيدُ فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تُنَحِّي الْحَيَّةَ؟ فَيَقُولُ: وَاللهِ إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ أَخَافَ شَيْئًا غَيْرَهُ وَاللهِ مَا أَعْلَمُ بِهَذَا حِينَ يَدْخُلُ وَلَا حِينَ يَخْرُجُ وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ الْجَنَّةَ تُدْرَكُ بِدُونِ مَا تَصْنَعُ وَإِنَّ النَّارَ تُتَّقَى بِدُونِ مَا تَصْنَعُ فَيَقُولُ: لَا حَتَّى لَا أَلُومَ نَفْسِي قَالَ: وَمَرِضَ فَبَكَى فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ وَقَدْ كُنْتَ وَقَدْ كُنْتَ فَيَقُولُ: مَا لِيَ لَا أَبْكِي وَمَنْ أَحَقُّ بِالْبُكَاءِ مِنِّي وَاللهِ مَا أَبْكِي حِرْصًا عَلَى الدُّنْيَا وَلَا جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ وَلَكِنْ لِبُعْدِ سَفَرِي وَقِلَّةِ زَادِي وَإِنِّي أَمْسَيْتُ فِي صُعُودٍ وَهُبُوطٍ، جُنَّةٌ أَوْ نَارٌ فَلَا أَدْرِي إِلَى أَيِّهِمَا أَصِيرُ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute