ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ مِنْ قِبَلِهِ: «
[البحر البسيط]
قَدْ طَارَتِ الصُّحْفُ فِي الْأَيْدِي مُنَشَّرَةً ... فِيهَا السَّرَائِرُ وَالْجَبَّارُ مُطَّلِعُ
فَكَيْفَ سَهْوُكَ وَالْأَنْبَاءُ وَاقِعَةٌ ... عَمَّا قَلِيلٍ وَلَا تَدْرِي بِمَا تَقَعُ
إِمَّا الْجِنَانُ وَعَيْشٌ لَا انْقِضَاءَ لَهُ ... أَمِ الْجَحِيمُ فَلَا تُبْقِي وَلَا تَدَعُ
تَهْوِي بِسُكَّانِهَا طَوْرًا وَتَرْفَعُهُ ... إِذَا رَجَوْا مَخْرَجًا مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا
لِيَنْفَعِ الْعِلْمُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَالِمَهُ ... قَدْ سَالَ قَوْمٌ بِهَا الرُّجْعَى فَمَا رَجَعُوا»
قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: كَذَا رَوَاهُ عَامِرٌ مَوْقُوفًا وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ مَرْفُوعًا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ سَمِعَهُ مِنْ أَبِي مُوسَى فَأَرْسَلَهُ؛ لِأَنَّ عَامِرًا مِمَّنْ تَلَقَّنَ الْقُرْآنَ مِنْ أَبِي مُوسَى وَأَصْحَابِهِ حِينَ قَدِمَ الْبَصْرَةَ وَعَلَّمَ أَهْلَهَا الْقُرْآنَ وَرَوَاهُ مَرْوَانُ الْأَصْفَرُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْقُوفًا وَبَدَأْنَا بِذِكْرِ أُوَيْسٍ إِذْ هُوَ سَيِّدُ نُسَّاكِ التَّابِعِينَ وَثَنَّيْنَا بِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ وَهُوَ مِنْ بَنِي الْعَنْبَرِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عُرِفَ بِالنُّسُكِ وَاشْتُهِرَ مِنْ عُبَّادِ التَّابِعِينَ بِالْبَصْرَةِ فَقَدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ؛ لِتَقَدُّمِ الْبَصْرَةِ عَلَى الْكُوفَةِ: إِذِ الْبَصْرَةُ بُنِيَتْ قَبْلَ الْكُوفَةِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ بِالنُّسُكِ وَالْعِبَادَةِ أَشْهَرُ وَأَقْدَمُ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَكَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ مِمَّنْ تَخَرَّجَ عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي النُّسُكِ وَالتَّعَبُّدِ وَمِنْهُ تَلَقَّنَ الْقُرْآنَ وَعَنْهُ أَخَذَ الطَّرِيقَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute