قَالَ وَقَامَ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُخَادِشٍ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ: كَيْفَ نَصْنَعُ بِأَقْوَامٍ يُخَوِّفُونَنَا حَتَّى تَكَادَ قُلُوبُنَا تَطِيرُ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ: «وَاللهِ لَأَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُخَوِّفُونَكَ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْأَمْنُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامًا يُؤَمِّنُونَكَ حَتَّى يَلْحَقَكَ الْخَوْفُ» فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ: أَخْبِرْنَا صِفَةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَبَكَى وَقَالَ: «ظَهَرَتْ مِنْهُمْ عَلَامَاتُ الْخَيْرِ فِي السَّمَاءِ، وَالسَّمْتِ، وَالْهَدْيِ، وَالصِّدْقِ، وَخُشُونَةِ مَلَابِسِهِمْ بِالِاقْتِصَادِ، وَمَمْشَاهُمْ بِالتَّوَاضُعِ، وَمَنْطِقِهِمْ بِالْعَمَلِ، وَمَطْعَمِهِمْ، وَمَشْرَبِهِمْ بِالطَّيِّبِ مِنَ الرِّزْقِ، وَخُضُوعِهِمْ بِالطَّاعَةِ لِرَبِّهِمْ تَعَالَى، وَاسْتِقَادَتِهِمْ لِلْحَقِّ فِيمَا أَحَبُّوا وَكَرِهُوا، وَإِعْطَائِهِمُ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ظَمَأَتْ هَوَاجِرُهُمْ وَنَحَلَتْ أَجْسَامُهُمْ وَاسْتَحَقُّوا بِسَخَطِ الْمَخْلُوقِينَ رِضَا الْخَالِقِ لَمْ يُفَرِّطُوا فِي غَضِبٍ وَلَمْ يَحِيفُوا فِي جَوْرٍ وَلَمْ يجَاوِزُوا حُكْمَ اللهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ، شَغَلُوا الْأَلْسُنَ بِالذِّكْرِ بَذَلُوا دِمَاءَهُمْ حِينَ اسْتَنْصَرْهُمْ، وَبَذَلُوا أَمْوَالَهُمْ حِينَ اسْتَقْرَضَهُمْ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ خَوْفُهُمْ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، حَسُنَتْ أَخْلَاقُهُمْ وَهَانَتْ مَئُونَتُهُمْ وَكَفَاهُمُ الْيَسِيرُ مِنْ دُنْيَاهُمْ إِلَى آخِرَتِهِمْ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute