حَتَّى يَصْطَلِحَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ، فَلَمَّا قَدِمَ الشَّامَ بَعَثَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنْ تُؤَمِّنَ أَصْحَابِي، فَفَعَلَ، فَقَامَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ وَلِيُّ الْأُمُورِ كُلِّهَا وَحَاكِمُهَا، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، إِنَّ كُلَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، عَجِلْتُمْ بِالْأَمْرِ قَبْلَ نُزُولِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ فِي أَصْلَابِكُمْ لَمَنْ يُقَاتِلُ مَعَ آلِ مُحَمَّدٍ، مَا يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ أَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ، فَأَمْرُ آلِ مُحَمَّدٍ مُسْتَأْخِرٌ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَعُودَنَّ فِيكُمْ كَمَا بَدَأَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَقَنَ دِمَاءَكُمْ، مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَأْتِيَ مَأْمَنَهُ إِلَى بَلَدِهِ آمِنًا مَحْفُوظًا فَلْيَفْعَلْ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَبَقِيَ مَعَهُ تِسْعُمِائَةِ رَجُلٍ، فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَقَلَّدَ هَدْيًا، فَقَدِمَ مَكَّةَ، وَنَحْنُ مَعَهُ، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَدْخُلَ مَكَّةَ تَلَقَّتْنَا خَيْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَمَنَعَتْنَا أَنْ نَدْخُلَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ لَقَدْ خَرَجْتُ عَنْكَ، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ، وَرَجَعْتُ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُقَاتِلَكَ، دَعْنَا فَلْنَدْخُلْ لِنَقْضِيَ نُسُكَنَا، ثُمَّ لِنَخْرُجْ عَنْكَ، فَأَبَى وَمَنَعَنَا الْهَدْيَ، فَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَرَجَعْنَا، فَكُنَّا بِالْمَدِينَةِ حَتَّى قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ، فَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَنَزَلَ الشِّعْبَ حَتَّى قَضَيْنَا نُسُكَنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ الْقَمْلَ يَتَنَاثَرُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، فَلَمَّا قَضَيْنَا نُسُكَنَا رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَكَثَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثَلَاثَ شُهُورٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ رَحِمَهُ اللهُ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute