للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ، ثنا هَمَّامُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ عُقْبَةَ، ثنا ⦗٢٥⦘ غَوْثُ بْنُ جَابِرٍ، ثنا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّيَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: «لَا يَشُكَّنَّ ابْنُ آدَمَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُوقِعُ الْأَرْزَاقَ مُتَفَاضِلَةً وَمُخْتَلِفَةً، فَإِنْ تَقَلَّلَ ابْنُ آدَمَ شَيْئًا مِنْ رِزْقِهِ فَلْيَزِدْهُ رَغْبَةً إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَقُولَنَّ لَوْ أَطْلَعَ اللهُ هَذَا وَشَعَرَ بِهِ غَيْرُهُ، فَكَيْفَ لَا يُطْلَعُ اللهُ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ خَلَقَهُ وَقَدَّرَهُ، أَوَ لَا يَعْتَبِرُ ابْنُ آدَمَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَفَاضَلُ فِيهِ النَّاسُ، فَإِنَّ اللهَ فَضَّلَ بَيْنَهُمْ فِي الْأَجْسَامِ، وَالْأَلْوَانِ، وَالْعُقُولِ، وَالْأَحْلَامِ، فَلَا يَكْبُرْ عَلَى ابْنِ آدَمَ أَنْ يُفَضِّلَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ وَالْمَعِيشَةِ، وَلَا يَكْبُرْ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ فَضَّلَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِهِ وَعَقْلِهِ، أَوَلَا يَعْلَمُ ابْنُ آدَمَ أَنَّ الَّذِي رَزَقَهُ فِي ثَلَاثَةِ أَوَانٍ مِنْ عُمْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُنَّ كَسْبٌ وَلَا حِيلَةٌ أَنَّهُ سَوْفَ يَرْزُقْهُ فِي الزَّمَنِ الرَّابِعِ، أَوَّلُ زَمَنٍ مِنْ أَزْمَانِهِ حِينَ كَانَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ يُخْلَقُ فِيهِ وَيُرْزَقُ مِنْ غَيْرِ مَالٍ كَسَبَهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، لَا يُؤْذِيهِ فِيهِ حَرٌّ وَلَا قَرٌّ، وَلَا شَيْءَ يُهِمُّهُ، ثُمَّ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ مِنْ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ إِلَى غَيْرِهَا، وَيُحْدِثُ لَهُ فِي الزَّمَنِ الثَّانِي رِزْقًا مِنْ أُمِّهِ يَكْفِيهِ وَيُغْنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ وَلَا قُوَّةٍ، ثُمَّ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَعْصِمَهُ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ وَيُحَوِّلَهُ فِي الزَّمَنِ الثَّالِثِ فِي رِزْقٍ يُحْدِثُهُ لَهُ مِنْ كَسْبِ أَبَوَيْهِ، يَجْعَلُ لَهُ الرَّحْمَةَ فِي قُلُوبِهِمَا حَتَّى يُؤْثِرَاهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِكَسْبِهِمَا، وَيَسْتَعِينَا رُوحَهُ بِمَا يُعْنِيهُمَا، لَا يُعْنِيهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِكَسْبٍ وَلَا حِيلَةٍ يَحْتَالُهَا، حَتَّى يَعْقِلَ وَيُحَدِّثُ نَفْسَهُ أَنَّ لَهُ حِيلَةً وَكَسْبًا، فَإِنَّهُ لَنْ يُغْنِيَهُ فِي الزَّمَنِ الرَّابِعِ إِلَّا مَنْ أَغْنَاهُ وَرَزَقَهُ فِي الْأَزْمَانِ الثَّلَاثِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَلَا مَقَالَ لَهُ وَلَا مَعْذِرَةَ إِلَّا بِرَحْمَةِ اللهِ، هُوَ الَّذِي خَلَقَهُ، فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ كَثِيرُ الشَّكِّ، يَقْصُرُ بِهِ حِلْمُهُ وَعَقْلُهُ عَنْ عِلْمِ اللهِ، وَلَا يَتَفَكَّرُ فِي أَمْرِهِ، وَلَوْ تَفَكَّرَ حَتَّى يَفْهَمَ، وَيَفْهَمُ حَتَّى يَعْلَمَ، عَلِمَ أَنَّ عَلَامَةَ اللهِ الَّتِي بِهَا يَعْرِفُ خَلْقَهُ الَّذِي خَلَقَ وَرَزَقَهُ لِمَا خَلَقَ»

<<  <  ج: ص:  >  >>