حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، ثنا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " قَرَأْتُ إِحْدَى وَسَبْعِينَ كِتَابًا فَوَجَدْتُ فِي جَمِيعِهَا أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُعْطِ جَمِيعَ النَّاسِ مِنْ بَدْءِ الدُّنْيَا إِلَى انْقِضَائِهَا مِنَ الْعَقْلِ فِي جَنْبِ عَقْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا كَحَبَّةِ رَمْلٍ مِنْ بَيْنِ رِمَالِ جَمِيعِ الدُّنْيَا، وَأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْجَحُ النَّاسِ عَقْلًا، وَأَفْضَلُهُمْ رَأْيًا. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: وَإِنِّي وَجَدْتُ فِي بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَمْ يُكَابِدْ شَيْئًا أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُؤْمِنٍ عَاقِلٍ، وَأَنَّهُ يُكَابِدُ مِائَةَ أَلْفِ جَاهِلٍ فَيَسْخَرُ بِهِمْ حَتَّى يَرْكَبَ رِقَابَهُمْ فَيَنْقَادُونَ لَهُ حَيْثُ شَاءَ، وَيُكَابِدُ الْمُؤْمِنَ الْعَاقِلَ فَيَصْعُبُ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَنَالَ مِنْهُ شَيْئًا. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: لَإِزَالَةُ الْجَبَلِ صَخْرَةً صَخْرَةً، وَحَجَرًا حَجَرًا، أَيْسَرَ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ مُكَابَدَةِ الْمُؤْمِنِ الْعَاقِلِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مُؤْمِنًا عَاقِلًا ذَا بَصِيرَةٍ فَلَهُوَ أَثْقَلُ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الْجِبَالِ، وَأَصْعَبُ مِنَ الْحَدِيدِ، وَأَنَّهُ لَيُزَايِلُهُ بِكُلِّ حِيلَةٍ، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَسْتَزِلَّهُ قَالَ: يَا وَيْلَهُ وَلِهَذَا، لَا حَاجَةَ لِي بِهَذَا، وَلَا طَاقَةَ لِي بِهَذَا، فَيَرْفُضَهُ وَيَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَاهِلِ فَيَسْتَأْسِرُهُ وَيَسْتَمْكِنُ مِنْ قِيَادِهِ، حَتَّى يُسْلِمَهُ إِلَى الْفَضَائِحِ الَّتِي يَتَعَجَّلُ ⦗٢٧⦘ بِهَا فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، كَالْجَلْدِ، وَالْحَلْقِ وَتَسْخِيمَ الْوُجُوهِ، وَالْقَطْعِ، وَالرَّجْمِ، وَالصَّلْبِ، وَإِنَّ الرَّجُلَيْنِ لَيَسْتَوِيَانِ فِي أَعْمَالِ الْبِرِّ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ أَوْ أَبْعَدَ، إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْقَلَ مِنَ الْآخَرِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute