حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ، ثنا هَمَّامُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبِ بْنِ هَمَّامٍ، ثنا غَوْثُ بْنُ جَابِرٍ، ثنا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلٍ، سَمِعْتُ عَمِّي وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ حِكْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ خَلَقَ الْخَلْقَ مُخْتَلِفًا خَلْقُهُ وَمَقَادِيرُهُ، فَمِنْهُ خَلْقٌ يَدُومُ مَا دَامَتِ الدُّنْيَا، لَا تَنْقُصُهُ الْأَيَّامُ، وَلَا تُهْرِمُهُ، وَمِنْهُ خَلْقٌ تَنْقُصُهُ الْأَيَّامُ وَتُهْرِمُهُ وَتُبْلِيهِ وَتُمِيتُهُ، وَمِنْهُ خَلْقٌ لَا يُطْعَمُ وَلَا يُرْزَقُ، وَمِنْهُ خَلْقٌ يُطْعَمُ وَيُرْزَقُ، خَلَقَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَخَلَقَ مَعَهُ رِزْقَهُ، ثُمَّ خَلَقَ اللهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ خَلْقًا فِي الْبَرِّ وَخَلْقًا فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ جَعَلَ رِزْقَ مَا خَلَقَ فِي الْبَرِّ مِنَ الْبَرِّ، وَرِزْقَ مَا خَلَقَ فِي الْبَحْرِ مِنَ الْبَحْرِ، وَلَا يَصْلُحُ خَلْقُ الْبَرِّ فِي الْبَحْرِ، وَلَا خَلْقُ الْبَحْرِ فِي الْبَرِّ، وَلَا يَنْفَعُ رِزْقُ دَوَابِّ الْبَحْرِ دَوَابَّ الْبَرِّ، وَلَا رِزْقُ دَوَابِّ الْبَرِّ دَوَابَّ الْبَحْرِ، إِذَا خَرَجَ مَا فِي الْبَحْرِ إِلَى الْبَرِّ هَلَكَ، وَإِذَا دَخَلَ مَا فِي الْبَرِّ إِلَى الْبَحْرِ هَلَكَ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ خَلْقِ اللهِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ عِبْرَةً لِمَنْ قَدْ أَهَمَّتْهُ قِسْمَةُ الْأَرْزَاقِ وَالْمَعِيشَةُ، فَلْيَعْتَبِرِ ابْنُ آدَمَ فِيمَا قَسَمَ اللهُ مِنَ الْأَرْزَاقِ، أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا كَمَا قَسَمَهُ بَيْنَ خَلْقِهِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغَيِّرَهَا وَلَا أَنْ يَخْلِطَهَا، كَمَا لَا تَسْتَطِيعُ دَوَابُّ الْبَرِّ أَنْ تَعِيشَ بِأَرْزَاقِ دَوَابِّ الْبَحْرِ، وَلَوْ تَضْطَرُّ إِلَيْهِ مَاتَتْ كُلُّهُا، وَلَا تَسْتَطِيعُ دَوَابُّ الْبَحْرِ أَنْ تَعِيشَ بِأَرْزَاقِ دَوَابِّ الْبَرِّ، وَلَوْ تَضْطَرُّ إِلَيْهِ أَهْلَكَهَا ذَلِكَ كُلُّهُ، فَإِذَا اسْتَقَرَّتْ كُلُّ دَابَّةٍ مِنْهَا فِيمَا رُزِقْتُ أَحْيَاهَا ذَلِكَ وَأَصْلَحَهَا. وَكَذَلِكَ ابْنُ آدَمَ، إِذَا اسْتَقَرَّ وَقَنَعَ بِقِسْمَتِهِ مِنْ رِزْقِ اللهِ أَحْيَاهُ ذَلِكَ وَأَصْلَحَهُ، وَإِذَا تَعَاطِي رِزْقَ غَيْرِهِ نَقَّصَهُ ذَلِكَ وَضَرَّهُ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute