حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ، قَالَا: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْوَاسِطِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبُرْجُلَانِيُّ، ثنا الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، ثنا النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ ذَرٍّ، يَقُولُ فِي كَلَامِهِ: أَمَّا الْمَوْتُ فَقَدْ شُهِرَ لَكُمْ، فَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مِنْ بَيْنِ مَنْقُولٍ عَزِيزٍ عَلَى أَهْلِهِ، كَرِيمٍ فِي عَشِيرَتِهِ، مُطَاعٍ فِي قَوْمِهِ، إِلَى حُفْرَةٍ يَابِسَةٍ، وَأَحْجَارٍ مِنَ الْجَنْدَلِ صُمٍّ، لَيْسَ يَقْدِرُ لَهُ الْأَهْلُونَ عَلَى وَسَادٍ إِلَّا خَالَطَهُ فِيهِ الْهَوَامُّ، فَوِسَادُهُ يَوْمَئِذٍ عَمَلُهُ، وَمِنْ بَيْنِ مَغْمُومٍ غَرِيبٍ، قَدْ كَثُرَ فِي الدُّنْيَا هَمُّهُ، وَطَالَ فِيهَا سَعْيُهُ، وَتَعِبَ فِيهَا بَدَنُهُ، جَاءَهُ الْمَوْتُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنَالَ بُغْيَتَهُ، فَأَخَذَهُ بَغْتَةً، وَمِنْ بَيْنِ صَبِيٍّ مُرْضَعٍ، وَمَرِيضٍ مُوجَعٍ، وَوَهَنٍ بِالشَّرِّ مُولَعٍ، وَكُلُّهُمْ بِسَهْمِ الْمَوْتِ يُقْرَعُ، أَمَا لِلْعَابِدِينَ مِنْ عِبَرٍ فِي كَلَامِ الْوَاعِظِينَ؟ وَلَرُبَّمَا قُلْتُ: سُبْحَانَهُ وَجَلَّ جَلَالُهُ، لَقَدْ أَمْهَلَكُمْ حَتَّى كَأَنَّهُ أَهْمَلَكُمْ، ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى حِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ ثُمَّ أَقُولُ: بَلْ أَخَّرْنَا إِلَى حِينِ آجَالِنَا سُبْحَانَهُ، إِلَى يَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ، وَتَجِفُّ فِيهِ الْقُلُوبُ {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم: ٤٣]، يَا رَبِّ قَدْ أَنْذَرْتَ وَحَذَّرْتَ، فَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَى خَلْقِكَ، ثُمَّ قَرَأَ {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجْلٍ قَرِيبٍ} [إبراهيم: ٤٤]، ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهَا الظَّالِمُ أَنْتَ فِي أَجَلِكَ الَّذِي اسْتَأْجَلْتَ، فَاغْتَنِمْهُ قَبْلَ نَفَاذِهِ، وَبَادِرْهُ قَبْلَ فَوْتِهِ، وَآخِرُ الْأَجَلِ مُعَاينَةُ الْأَجَلِ عِنْدَ نُزُولِ الْمَوْتِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُ الْأَسَفُ، إِنَّمَا ابْنُ آدَمَ غَرَضٌ لِلْمَنَايَا مَنْصُوبٌ مَنْ رَمَتْهُ بِسِهَامِهَا لَمْ تُخْطِئُهُ، وَمَنْ أَرَادَتْهُ لَمْ تُصِبْ غَيْرَهُ، أَلَا وَإِنَّ الْخَيْرَ الْأَكْبَرَ خَيْرُ الْآخِرَةِ الدَّائِمُ فَلَا يَنْفَدُ، وَالْبَاقِي فَلَا يَفْنَى، وَالْمُمْتَدُّ فَلَا يَنْقَطِعُ، وَالْعِبَادُ الْمُكْرَمُونَ فِي جِوَارِ اللهِ تَعَالَى ⦗١١٦⦘، مُقِيمُونَ فِي كُلِّ مَا اشْتَهَتِ الْأَنْفُسُ، وَلَذَّتِ الْأَعْيُنُ، مُتَزَاوِرُونَ عَلَى النَّجَائِبِ، وَيَتَلَاقَوْنَ فَيَتَذَاكَرُونَ أَيَّامَ الدُّنْيَا، هَنِيئًا لِلْقَوْمِ، هَنِيئًا لَقَدْ وَجَدَ الْقَوْمُ بُغْيَتَهُمْ، وَنَالُوا طِلْبَتَهُمْ، إِذْ كَانَ رَغْبَتُهُمْ إِلَى السَّيِّدِ الْكَرِيمِ الْمُتَفَضِّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute