حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْعَلَاءِ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الضَّحَّاكِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْرِيِّ، قَالَ: ثنا سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ نُفَيْرٍ، حَدَّثَهُمْ: أَنَّ رَجُلَيْنِ تَحَابَّا فِي اللهِ بِحِمْصَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، وَكَانَا قَدِ اكْتَتَبَا مِنَ الْيهُودِ مِلْءَ صِفْنَيْنِ، فَأَخَذَاهُمَا مَعَهُمَا يَسْتَفْتِيَانِ فِيهِمَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ أَرْسَلَ إِلَيْهِمَا عُمَرُ فِيمَنْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ فَقَالَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، وَإِنَّا نَسْمَعُ مِنْهُمْ كَلَامًا تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُنَا، أَفَنَأْخُذُ مِنْهُمْ أَمْ نَتْرُكُ؟ ⦗١٣٦⦘ قَالَ: لَعَلَّكُمَا اكْتَتَبْتُمَا مِنْهُ شَيْئًا؟ فَقَالَا: لَا، قَالَ: سَأُحِدِّثُكُمَا: إِنِّي انْطَلَقْتُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْتُ خَيْبَرَ، فَوَجَدْتُ يَهُودِيًّا يَقُولُ قَوْلًا أَعْجَبَنِي، فَقُلْتُ: هَلْ أَنْتَ مُكْتِبِي مِمَّا تَقُولُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِأَدِيمِ ثَنِيَّةٍ أَوْ جَذَعَةٍ، فَأَخَذَ يُمْلِي عَلِيَّ حَتَّى كَتَبْتُ فِي الْأَكْرُعِ رَغْبَةً فِي قَوْلِهِ، فَلَمَّا رَجَعْتُ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَقِيتُ يَهُودِيًّا يَقُولُ قَوْلًا لَمْ أَسْمَعْ مِثْلَهُ بَعْدَكَ، قَالَ: «لَعَلَّكَ كَتَبْتَ مِنْهُ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «ائْتِنِي بِهِ» فَانْطَلَقْتُ أَرْغَبُ عَنِ الْمَشْيِ رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ جِئْتُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ مَا يُحِبُّهُ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ قَالَ: «اجْلِسْ فَاقْرَأْ عَلِيَّ» فَقَرَأْتُ سَاعَةً، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ يَتَلَوَّنُ فَصِرْتُ مِنَ الْفَرَقِ لَا أُجِيزُ حَرْفًا مِنْهُ، فَلَمَّا رَأَى الَّذِي بِي دَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَتَتَبَّعُهُ رَسْمًا رَسْمًا فَيَمْحُوهُ بَرِيقِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَا تَتَّبِعُوا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَوَّكُوا وَتَهَوَّكُوا» حَتَّى مَحَا آخِرَهُ حَرْفًا حَرْفًا، قَالَ عُمَرُ: فَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا اكْتَتَبْتُمَا مِنْهُمْ شَيْئًا جَعَلْتُكُمَا نَكَالًا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، قَالَا: لَا وَاللهِ لَا نَكْتُبُ مِنْهُمْ شَيْئًا أَبَدًا، فَخَرَجَا بِصَفْنَيْهِمَا فَحَفَرَا لَهُمَا مِنَ الْأَرْضِ فَلَمْ يَأْلُوا أَنْ يُعَمِّقَا وَدَفَنَا، فَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute