حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ نَوْفٍ، قَالَ: كَانَتْ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلَامُ فَتَاةً بَتُولًا وَكَانَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ زَوْجَ أُخْتِهَا كَفَلَهَا فَكَانَتْ مَعَهُ، قَالَ: فَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا يُسَلِّمُ عَلَيْهَا قَالَ: فَتُقَرِّبُ إِلَيْهِ فَاكِهَةَ الشِّتَاءِ فِي الصَّيْفِ وَفَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِّتَاءِ قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّةً فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ بَعْضَ مَا كَانَتْ تُقَرِّبُ قَالَ: {يَا مَرْيَمُ أَنِّي لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيْبَةً} الْآيَةَ، قَالَ: فَبَيْنَا هِيَ جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِهَا إِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيْهَا قَدْ هَتَكَ الْحُجُبَ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: ١٨] فَلَمَّا ذَكَرَتِ الرَّحْمَنَ فَزِعَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: ١٩] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} [مريم: ٢١] فَنَفَخَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي جَيْبِهَا فَحَمَلَتْ حَتَّى إِذَا أَثْقَلَتْ وَجِعَتْ كَمَا تُوجَعُ النِّسَاءُ، فَلَمَّا وُجِعَتْ كَانَتْ فِي بَيْتِ النُّبُوَّةِ فَاسْتَحْيَتْ فَهَرَبَتْ حَيَاءً مِنْ قَوْمِهَا نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَخَرَجَ قَوْمُهَا فِي طَلَبِهَا يَسْأَلُونَ عَنْهَا فَلَا يُخْبِرُهُمْ عَنْهَا أَحَدٌ، فَأَخَذَهَا الْمَخَاضُ فَتَسَانَدَتْ إِلَى النَّخْلَةِ وَقَالَتْ: {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} [مريم: ٢٣] قَالَ: حَيْضَةٌ بَعْدَ حَيْضَةٍ: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} [مريم: ٢٤] قَالَ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَقْصَى الْوَادِي: {أَنْ لَا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} قَالَ: جَدْوَلًا {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} [مريم: ٢٥] إِلَى قَوْلِهِ {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: ٢٦] فَلَمَّا قَالَ لَهَا جِبْرَائِيلُ اشْتَدَّ ظَهْرُهَا وَطَابَتْ نَفْسُهَا قَطَعَتْ سَرَرَهُ وَلَفَّتْهُ فِي خِرْقَةٍ وَحَمَلَتْهُ قَالَ: فَلَقِيَ قَوْمُهَا رَاعِيَ بَقَرٍ وَهُمْ فِي طَلَبِهَا قَالُوا: يَا رَاعِي هَلْ رَأَيْتَ فَتَاةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي بَقِرِي شَيْئًا لَمْ أَرَهُ مِنْهَا قَطُّ فِيمَا خَلَا، قَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ مِنْهَا؟ قَالَ: رَأَيْتُهَا بَاتَتْ سُجَّدًا نَحْوَ هَذَا الْوَادِي فَانْطَلَقُوا حَيْثُ وَصَفَ لَهُمْ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلَامُ وَقَدْ جَلَسَتْ تُرْضِعُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَجَاءُوا حَتَّى قَامُوا عَلَيْهَا وَقَالُوا لَهَا: {يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} [مريم: ٢٧] قَالَ: أَمْرًا عَظِيمًا: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغْيًا} [مريم: ٢٨] قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: قَالَ نَوْفٌ: فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ أَنْ ⦗٥٢⦘ كَلِّمُوهُ فَعَجِبُوا مِنْهَا: {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: ٢٩] قَالَ نَوْفٌ: الْمَهْدُ حِجْرُهَا، فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ تَرَكَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَدْيَهَا وَاتَّكَأَ عَلَى يَسَارِهِ ثُمَّ تَكَلَّمَ {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} [مريم: ٣٠] إِلَى قَوْلِهِ {أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: ٣٣] قَالَ: فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute