حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلَوِيَّةَ الْقَطَّانُ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ، ثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْقُرَشِيِّ، قَالَ: كَانَتْ لِي حَاجَةٌ بِالْجَزِيرَةِ فَاتَّخَذْتُهَا طَرِيقًا مُسْتَخْفِيًا، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ إِذَا بِشَمَّامسَةٍ وَرُهْبَانٍ - وَكَانَ رَجُلًا لَبِيبًا لَسِنًا ذَا رَأْيٍ - قَالَ: فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا جَمَعَكُمْ هَهُنَا؟ قَالُوا: إِنَّ لَنَا شَيْخًا سَيَّاحًا نَلْقَاهُ فِي كُلِّ عَامٍ فِي مَكَانِنَا هَذَا مَرَّةً فَنَعْرِضُ عَلَيْهِ دِينَنَا وَنَنْتَهِي فِيهِ إِلَى رَأْيِهِ، قَالَ: وَكُنْتُ رَجُلًا مَعْنِيًّا بِالْحَدِيثِ، فَقُلْتُ: لَوْ دَنَوْتُ مِنْ هَذَا فَلَعَلِّي أَسْمَعُ مِنْهُ شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: مَا أَنْتَ مِنْ هَؤُلَاءِ؟ قُلْتُ: أَجَلْ قَالَ: مِنْ أُمَّةِ أَحْمَدَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: مِنْ عُلَمَائِهِمْ أَنْتَ أَوْ مِنْ جُهَّالِهِمْ؟ قُلْتُ: لَسْتُ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَلَا مِنْ جُهَّالِهِمْ، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ فِي كِتَابِكُمْ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: نَقُولَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ. قَالَ: فَإِنَّ لِهَذَا مَثَلًا فِي الدُّنْيَا فَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: مَثَلُ هَذَا الصَّبِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ يَأْتِيهِ رِزْقُ الرَّحْمَنِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَلَا يَبُولُ وَلَا يَتَغَوَّطُ، قَالَ: فَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ، وَقَالَ لِي: أَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ؟ قَالَ: قُلْتُ بَلَى، مَا أَنَا مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَلَا مِنْ جُهَّالِهِمْ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَلَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ وَتَشْرَبُونَ وَلَا يَنْقُصُ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَقُولُ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ: فَإِنَّ لِهَذَا مَثَلًا فِي الدُّنْيَا فَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: مَثَلُ رَجُلٍ أَعْطَاهُ اللهُ عِلْمًا وَحِكْمَةً وَعَلَّمَهُ كِتَابَهُ فَلَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ مَنْ خَلَقَ اللهُ فَتَعَلَّمُوا مِنْهُ مَا نَقَصَ مِنْ عِلْمِهِ شَيْئًا، قَالَ: فَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ قَالَ: أَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ مَا أَنَا مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَلَا مِنْ جُهَّالِهِمْ. فَقَالَ لِي: أَلَسْتُمْ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمُ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ؟ ⦗١٢٢⦘ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى قَالَ: فَلَهَى عَنِّي، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: مَا بُسِطَ لِأَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ مَا بُسِطَ لِهَؤُلَاءِ مِنَ الْخَيْرِ، إِنَّ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ إِذَا قَالَ فِي صَلَاتِهِ السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ لَمْ يَبْقَ عَبْدٌ صَالِحٌ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهِ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَلَسْتُمْ تَسْتَغْفِرُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ أَحَدَ هَؤُلَاءِ إِذَا اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ لَمْ يَبْقَ عَبْدٌ لِلَّهِ مُؤْمِنٌ فِي السَّمَوَاتِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَلَا فِي الْأَرْضِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا مَنْ كَانَ عَلَى عَهْدِ آدَمَ أَوْ مَنْ هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِهِ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ لِي: إِنَّ لِهَذَا مَثَلًا فِي الدُّنْيَا فَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: كَمَثَلِ رَجُلٍ مَرَّ بِملَأٍ كَثِيرًا كَانُوا أَوْ قَلِيلًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدُّوا عَلَيْهِ أَوْ دَعَا لَهُمْ فَدَعُوا لَهُ، قَالَ: فَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ، فَقَالَ: أَلَمْ تَزْعُمْ أَنَّكَ لَسْتَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: أَجَلْ مَا أَنَا مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَلَا مِنْ جُهَّالِهِمْ، فَقَالَ لِي: مَا رَأَيْتُ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ. قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ أَسْأَلُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ لِلَّهِ وَلَدًا قَالَ: فَشَقَّ عَنْ مَدْرَعَتِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ بَطْنِهِ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: لَا غَفَرَ اللهُ لِمَنْ قَالَهَا، مِنْهَا فَرَرْنَا وَاتَّخَذْنَا الصَّوَامِعَ. فَقَالَ لِي: إِنِّي سَائِلُكَ، عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتَ مُخْبِرِي؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ:: أَخْبِرْنِي هَلْ بَلَغَ ابْنُ الْقَرْنِ فِيكُمْ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهِ النَّاشِئُ أَوِ الطِّفْلُ فَيَشْتُمَهُ وَيَتَعَرَّضُ لِضَرْبِهِ وَلَا يُغَيِّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ. قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ حِينَ رَقَّ دِينُكُمْ وَاسْتَحْبَبْتُمْ دُنْيَاكُمْ وَآثَرَهَا مَنْ آثَرَهَا مِنْكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: ابْنُ كَمِ الْقَرْنُ؟ قُلْتُ: إِنَّمَا أَنَا ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً وَأَمَّا هُوَ فَقَالَ ابْنُ سَبْعِينَ سَنَةً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: يَا أَبَا هُشَيْمٍ مَا كَانَ يَسُرُّنَا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَقِيَهُ غَيْرُكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute