للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا إِلَى الْقِصَاصِ مِنْ نَفْسِهِ فِي خَدْشَةٍ خَدَشَ أَعْرَابِيًّا لَمْ يَتَعَمَّدْهَا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْكَ جَبَّارًا وَلَا مُسْتَكْبِرًا فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ فَقَالَ: اقْتَصَّ مِنِّي فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: قَدْ أَحْلَلْتُكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ أَبَدًا وَلَوْ أَتَتْ عَلَى نَفْسِي، فَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ "، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَضِّ نَفْسَكَ لِنَفْسِكَ وَخُذْ لَهَا الْأَمَانَ مِنْ رَبِّكَ وَارْغَبْ فِي جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْمُلْكَ لَوْ بَقِيَ لِمَنْ قَبْلَكَ لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ، وَكَذَلِكَ لَا يَبْقَى لَكَ كَمَا لَمْ يَبْقَ لِغَيْرِكَ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ تَدْرِي مَا جَاءَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ جَدِّكَ: {مَا لِهَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} قَالَ: الصَّغِيرَةُ التَّبَسُّمُ وَالْكَبِيرَةُ الضَّحِكُ، فَكَيْفَ بِمَا عَمِلَتْهُ الْأَيْدِي وَحَدَّثَتْهُ الْأَلْسُنُ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بَلَغَنِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ مَاتَتْ سَخْلَةٌ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ضَيْعَةً ⦗١٣٨⦘ لَخِفْتُ أَنْ أُسْأَلَ عَنْهَا، فَكَيْفَ بِمَنْ حُرِمَ عَدْلَكَ وَهُوَ عَلَى بِسَاطِكَ؟ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَدْرِي مَا جَاءَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ عَنْ جَدِّكَ: {يَا دَاودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتْبَعِ الْهَوَى} قَالَ: يَا دَاودُ إِذَا قَعَدَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْكَ فَكَانَ لَكَ فِي أَحَدِهِمَا هَوًى فَلَا تُمَنِّيَنَّ فِي نَفْسِكَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْحَقُّ فَيَفْلَجُ عَلَى صَاحِبِهِ فَأَمْحُوكَ مِنْ نُبُوَّتِي ثُمَّ لَا تَكُونُ خَلِيفَتِي وَلَا كَرَامَةَ، يَا دَاودُ إِنَّمَا جَعَلْتُ رُسُلِي إِلَى عِبَادِي رِعَاءً كَرِعَاءِ الْإِبِلِ لِعِلْمِهِمْ بِالرِّعَايَةِ وَرِفْقِهِمْ بِالسِّيَاسَةِ لِيَجْبُرُوا الْكَسِيرَ وَيَدُلُّوا الْهَزِيلَ عَلَى الْكَلَأِ وَالْمَاءِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّكَ قَدْ بُلِيتَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ لَوْ عُرِضَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ لَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَ وَأَشْفَقْنَ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>