حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، - فِي كِتَابِهِ - وَحَدَّثَنِي عَنْهُ، مَنْصُورُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُمَيَّةَ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ كَزَالَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشِيرٍ الْمَكِّيُّ، ثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ أَخَذَ عَنِ اللهِ أَدَبًا حَسَنًا إِذَا وُسِّعَ عَلَيْهِ وَسَّعَ، وَإِذَا أُمْسِكَ عَلَيْهِ أَمْسَكَ» غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ سَنَدًا مُتَّصِلًا مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا يُحْفَظُ هَذَا مِنْ قِبَلِ الْحَسَنِ مُسْتَشْهِدًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِينْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: ٧] الْآيَةَ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: انْقَضَى ذِكْرُ الْجَمَاعَةِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ وَعُبَّادِهَا وَنُجُومِهَا، ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ أَحْوَالِ أَئِمَّةِ الْهُدَى وَأَعْلَامِ التُّقَى وَمَصَابِيحِ الدُّجَى مِنَ الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ. وَنَذْكُرُ الْآنَ مَنْ سَلَكَ سَمْتَهُمْ، وَنَحَا نَحْوَهُمْ فَبَدَأْنَا بِأَئِمَةِ الْبُلْدَانِ وَمَحَاسِنِ الزَّمَانِ كَمِالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَمِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَدَاوُدَ الطَّائِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَعَلِيٍّ ابْنَيْ صَالِحٍ، وَفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَقُرَنَائِهِمْ لِيَكُونَ الْكِتَابُ جَامِعًا لِتَسْمِيَةِ الشُّمُوسِ وَالْأَقْمَارِ وَالْأَئِمَةِ ذَوِي الْأَخْطَارِ، ثُمَّ نُتْبِعُهُمْ بِذِكْرِ الْمُقْتَدِينَ بِهِمْ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ مِنَ النُّجُومِ الزَّوَاهِرِ الَّذِينَ أَبْرَزُوا لِلْقُدْرَةِ مِنَ السَّوَاتِرِ، وَنَصَبُوا لِإِذَاعَةِ الْمَوَاعِظِ وَالزَّوَاجِرِ، وَهُمُ الَّذِينَ تَطَهَّرُوا مِنْ عَوَارِضِ الْعِلَلِ وَالْفِتَنِ وَأُيِّدُوا بِمَوَارِدِ التُّحَفِ وَالْمِنَنِ، فَحُفِظَتْ أَسْرَارُهُمْ وَسَلِمَتْ أَعْمَارُهُمْ وَحُمِدَتْ أَحْوَالُهُمْ وَآثَارَهُمْ، وَارْتَفَعَتْ بِمُرَاعَاةِ الْحُرْمَةِ وَمُصَافَاةِ الْخِدْمَةِ أَخْطَارُهُمْ. صَفَتْ مِنَ الْأَغْيَارِ أَسْرَارُهُمْ فَعَلَتْ فِي الْأَبْرَارِ أَذْكَارُهُمْ، وَتَمَّتْ أَنْوَارُهُمْ، فَانْتَفَتْ أَكْدَارُهُمْ، وَدَامَتْ أَذْكَارُهُمْ فَمَاتَتْ أَوْزَارُهُمْ. فَهُمُ الْعُمُدُ وَالْأَوْتَادُ وَبَهْجَةُ الْعُبَّادِ وَالْبِلَادِ، اقْتَصَرْنَا مِنْ ذِكْرِ أَحْوَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ عَلَى الْيَسِيرِ مِمَّا انْتَشَرَ فِي النَّاسِ مِنْ حِكَمِهِمُ الْكَثِيرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute