وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ النُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فَكَانَ جَرِيرٌ إذَا قَامَ إلَى السِّلْعَةِ يَبِيعُهَا نَصَّ عُيُوبَهَا ثُمَّ خَيَّرَ. وَقَالَ: إنْ شِئْتَ فَخُذْ، وَإِنْ شِئْتَ فَاتْرُكْ فَقِيلَ: إنَّكَ إنْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ يُنْفِذْ لَكَ بَيْعًا قَالَ: إنَّا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» .
[فَصْلٌ وَيَعْتَبِر عَلَى التُّجَّار صَدْق الْقَوْل فِي إخْبَار الشَّرَى وَمِقْدَار رَأَسَ الْمَال]
(فَصْلٌ) : وَيُعْتَبَرُ عَلَيْهِمْ صِدْقُ الْقَوْلِ فِي إخْبَارِ الشِّرَى وَمِقْدَارِ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَفْعَلُونَ مَا لَا يَجُوزُ فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَشْتَرِي سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يُخْبِرُ رَأْسَ الْمَالِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ نَقْدًا وَهَذَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْتَرِي بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا وَرَجَعَ بِالْأَرْشِ عَلَى بَائِعِهَا ثُمَّ يُخْبِرُ رَأْسَ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ وَهَذَا حَرَامٌ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَاطِئُ جَارَهُ أَوْ غُلَامَهُ فَيَبِيعُهُ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِيُخْبِرَ بِهِ فِي الْبَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَيَقُولُ: اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَهَذَا حَرَامٌ لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ، فَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ قَصَّرَهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَرَفَاهُ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ: اشْتَرَيْتُهُ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَلَا يَقُولُ: ثَمَنُهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَاذِبًا بَلْ يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَكَذَا إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ، وَعَمِلَ فِيهِ عَمَلًا يُسَاوِي ثَلَاثَةً فَلَا يَقُولُ: قَامَ عَلَيَّ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فَإِنَّ عَمَلَ الْإِنْسَانِ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ وَلَا يَقُولُ رَأْسُ مَالِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ كَاذِبًا بَلْ يَقُولُ اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةٍ وَعَمِلْتُ فِيهِ عَمَلًا يُسَاوِي ثَلَاثَةً، فَعَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَعْتَبِرَ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ ذَلِكَ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ فِعْلِهِ وَيَتَفَقَّدَ مَوَازِينَهُمْ وَأَذْرِعَتِهِمْ وَيَمْنَعَهُمْ مِنْ شَرِكَةِ الْمُنَادِيَةِ وَيُرَاعِيَ حُسْنَ مُعَامَلَاتِهِمْ مَعَ الْمُشْتَرِينَ وَجَلَّابِي الْبَضَائِعِ وَصِدْقِ الْقَوْلِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute