لَزِمَهُ، وَلَمْ يَكْفِهِ الْإِنْكَارُ بِالْقَلْبِ بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْضَبَ فِي وَجْهِهِ وَيُظْهِرَ الْإِنْكَارَ.
[فَصَلِّ شَرْط مَا يُنْكِرهُ الْمُحْتَسَب]
(فَصْلٌ) وَمِنْ شَرْطِ مَا يُنْكِرُهُ الْمُحْتَسِبُ أَنْ يَكُونَ مُنْكَرًا مَعْلُومًا بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ فَكُلُّ مَا هُوَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ فَلَا حِسْبَةَ فِيهِ فَلَيْسَ لِلْحَنَفِيِّ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي أَكْلِ الضَّبِّ وَالضَّبُعِ وَمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ، وَلَا لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْحَنَفِيِّ شُرْبَهُ النَّبِيذَ الَّذِي لَيْسَ بِمُسْكِرٍ وَتَنَاوُلَهُ مِيرَاثَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَجُلُوسَهُ فِي دَارٍ أَخَذَهَا بِشُفْعَةِ الْجُوَارِ نَعَمْ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الْحَنَفِيِّ شُرْبَ النَّبِيذِ وَاَلَّذِي يَنْكِحُ بِلَا وَلِيٍّ قُلْتُ نَعَمْ لَا يَتَعَرَّضُ عَلَى الْحَنَفِيِّ فِي النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، وَإِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَتَّخِذَ دَارِهِ مَدْبَغَةً أَوْ حَانُوتَ قَصَّارٍ أَوْ حَدَّادٍ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ قَالَ الْمَرَاوِزَةُ.
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ إذَا أَحْكَمَ الْجُدْرَانَ وَاحْتَاطَ عَلَى الْعَادَةِ لَا يُمْنَعُ وَتَرَدَّدَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِيمَا إذَا كَانَ يُؤَدَّى بِدُخَانِ الْخُبْزِ وَاِتَّخَذَهُ مَخْبِزًا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي الْمَنْعِ.
[فَصْل: وَيَمْنَعُ الْمُحْتَسِبُ مِنْ خَصْيِ الْآدَمِيِّ وَالْبَهَائِم]
(فَصْلٌ) وَيَمْنَعُ الْمُحْتَسِبُ مِنْ خَصْيِ الْآدَمِيِّ وَالْبَهَائِمِ (وَ) يُؤَدِّبُ عَلَيْهِ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ فِيهِ قَوَدًا أَوْ دِيَةً اسْتَوْفَاهُ لِمُسْتَحِقِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَخَاصُمٌ وَتَنَازُعٌ وَيُمْنَعُ مِنْ خِضَابِ الشَّيْبِ بِالسَّوَادِ إلَّا لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي اللِّحْيَةِ عَشْرَ خِصَالٍ مَكْرُوهَةٍ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ وَهُوَ خِضَابُهَا بِالسَّوَادِ وَتَبْيِيضُهَا بِالْكِبْرِيتِ وَتَنْقِيَتُهَا مِنْ الشَّيْبِ وَالنُّقْصَانُ مِنْهَا وَالزِّيَادَةُ وَتَسْرِيحُهَا تَصَنُّعًا لِأَجْلِ الرِّيَاءِ وَتَرْكُهَا شَعِثَةً وَالنَّظَرُ إلَى سَوَادِهَا عَجَبًا بِالشَّبَابِ وَإِلَى بَيَاضِهَا تَكَبُّرًا بِعُلُوِّ السِّنِّ وَخِضَابُهَا بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ تَشَبُّهًا بِالصَّالِحِينَ، وَأَمَّا الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ شَبَابِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِشُيُوخِكُمْ وَشَرُّ شُيُوخِكُمْ مَنْ تَشَبَّهَ بِشَبَابِكُمْ» وَالْمُرَادُ بِالتَّشَبُّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute