وَسَطِهِ لِيَمْنَعَهُ مِنْ الْهُرُوبِ، فَإِنْ هَرَبَ اُتُّبِعَ وَرُجِمَ حَتَّى يَمُوتَ، وَإِنْ رُجِمَ بِإِقْرَارِهِ لَمْ يُحْفَرْ لَهُ، وَإِنْ هَرَبَ لَمْ يُتْبَعْ، وَلَا تُحَدُّ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا بَعْدَ الْوَضْعِ حَتَّى تُوجَدَ لِوَلَدِهَا مُرْضِعٌ، وَإِذَا ادَّعَى فِي الزِّنَا شُبْهَةً مُحْتَمَلَةً مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الزِّنَا، فَإِنْ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ تَرَبَّى فِي بَادِيَةٍ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ لِلْحَدِيثِ، وَإِذَا تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ لَمْ يَسْقُطْ قَالَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٩] وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ تَفْوِيضِ الْإِمَامِ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مُخْتَصٌّ بِالْإِمَامِ وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ وِلَايَتِهِ، قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً جَلَدَهَا سَيِّدُهَا نِصْفَ حَدِّ الْحُرَّةِ لِقَوْلِهِ: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، فَإِنْ زَنَتْ فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِضَفِيرٍ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ " وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ "، هَذَا مَعَ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ كَانَ بِالْبَيِّنَةِ فَالْحَاكِمُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَزْكِيَةِ الشُّهُودِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِسَيِّدِهَا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» .
[فَصَلِّ فِي اللِّوَاط]
(فَصْلٌ) وَأَمَّا اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهَائِمِ، فَإِنَّهُ يُحَرَّمُ كَالزِّنَاءِ أَوْ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْهُ وَالدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِهِ قَوْلُهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٨٠] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأنعام: ١٥١] .
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ} [الأعراف: ٣٣] فَثَبَتَ أَنَّهُ يُسَمَّى فَاحِشَةً وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي حَدِّهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ اخْتَلَفَ عَلِيٌّ وَعَبْدُ اللَّهِ فِي رَجْمِهِ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ اللِّوَاطَ كَالزِّنَا يُرْجَمُ إنْ كَانَ مُحْصَنًا وَيُجْلَدُ إنْ كَانَ بِكْرًا؛ لِأَنَّهُ فَرْجٌ يَجِبُ بِإِيلَاجٍ فِيهِ الْحَدُّ، وَفَرَّقَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute