لَمْ يَطَأْ زَوْجَةً بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَغْرِيبِهِ بَعْدَ الْحَدِّ فَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْهُ اقْتِصَارًا عَلَى جَلْدِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ يُغَرَّبُ الرَّجُلُ، وَلَا تُغَرَّبُ الْمَرْأَةُ وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ تَغْرِيبَهُمَا عَامًا عَنْ بَلَدِهِمَا إلَى مَسَافَةٍ أَقَلُّهَا يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَحْدُ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ سَوَاءٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ، وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا» .
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ الرَّجْمُ فَرِيضَةُ اللَّهِ أَنْزَلَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - إلَّا أَنَّ الرَّجْمَ إذَا أُحْصِنَ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ وَكَانَ الْحَمْلُ أَوْ الِاعْتِرَافُ، وَقَدْ قَرَأْنَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ. وَإِذَا زَنَا الْبِكْرُ بِمُحْصَنَةٍ أَوْ زَنَا الْمُحْصَنُ بِبِكْرٍ جُلِدَ الْبِكْرُ مِنْهُمَا وَرُجِمَ الْمُحْصَنُ، وَإِذَا عَادُوا الزُّنَاءُ بَعْدَ الْحَدِّ حُدُّوا، وَإِذَا زَنَا مِرَارًا قَبْلَ الْحَدِّ حُدَّ لِلْجَمِيعِ حَدًّا وَاحِدًا.
وَالزِّنَاءُ يَثْبُتُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، أَمَّا الْإِقْرَارُ فَإِذَا أَقَرَّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ بِالزِّنَا مَرَّةً وَاحِدَةً طَوْعًا أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَحُدُّهُ حَتَّى يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَإِذَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ قَبْلَ الْحَدِّ سَقَطَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» .
وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِفِعْلِ الزِّنَا أَرْبَعُ رِجَالٍ عُدُولٍ لَا امْرَأَةَ فِيهِمْ يَذْكُرُونَ أَنَّهُمْ شَاهِدُونَ دُخُولَ ذَكَرِهِ فِي الْفَرْجِ كَدُخُولِ الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدُوا ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَيْسَتْ شَهَادَةً وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مُجْتَمَعِينَ وَمُتَفَرِّقِينَ، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ ذَلِكَ وَقَالَ لَا أَقْبَلَهَا إذَا تَفَرَّقُوا وَجَعَلَهُمْ قَذَفَةً، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِذَا لَمْ يَكْمُلْ شُهُودُ الزِّنَاءِ أَرْبَعَةً فَهُمْ قَذَفَةٌ يُحَدُّونَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.
وَاخْتُلِفَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَاءِ هَلْ تُقْبَلُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَإِذَا رُجِمَ الزَّانِي بِالْبَيِّنَةِ حُفِرَتْ لَهُ بِئْرٌ عِنْدَ رَجْمِهِ وَيَنْزِلُ فِيهَا إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute