وَأَمَّا الْوَقْتُ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا طَرْدُ النَّهْيِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يُخَصَّصَ بِوَقْتِ قِلَّةِ الْأَطْعِمَةِ، وَحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ فِي تَأْخِيرِ بَيْعِهِ ضَرَرٌ مَا، وَأَمَّا إذَا اتَّسَعَتْ الْأَطْعِمَةُ، وَكَثُرَتْ، وَاسْتَغْنَى النَّاسُ عَنْهَا، وَلَمْ يَرْغَبُوا فِيهَا إلَّا بِقِيمَةٍ قَلِيلَةٍ، وَانْتَظَرَ صَاحِبُ الطَّعَامِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْتَظِرْ قَحْطًا فَلَيْسَ فِي هَذَا إضْرَارٌ، وَإِذَا كَانَ الزَّمَانُ زَمَانَ قَحْطٍ كَانَ فِي ادِّخَارِ الْعَسَلِ، وَالشَّيْرَجِ، وَأَمْثَالِهِ إضْرَارٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِتَحْرِيمِهِ، وَيُعَوَّلُ فِي نَفْيِ التَّحْرِيمِ، وَإِثْبَاتِهِ عَلَى الضِّرَارِ فَإِنَّهُ مَفْهُومٌ قَطْعًا مِنْ تَخْصِيصِ الطَّعَامِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ضِرَارٌ فَلَا يَخْلُو احْتِكَارُ الْأَقْوَاتِ عَنْ كَرَاهِيَةٍ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ مَبَادِئُ الضِّرَارِ، وَهُوَ ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ، وَانْتِظَارُ مُبَادَى الضِّرَارِ مَحْظُورٌ كَانْتِظَارِ عَيْنِ الضِّرَارِ، وَلَكِنَّهُ دُونَهُ فَبِقَدْرِ دَرَجَاتِ الْإِضْرَارِ تَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُ الْكَرَاهِيَةِ، وَالتَّحْرِيمِ، وَكَذَلِكَ، أَوْصَى بَعْضُ التَّابِعِينَ رَجُلًا لَا تُسَلِّمْ، وَلَدَك فِي بَيْعَتَيْنِ، وَلَا فِي صَنْعَتَيْنِ بَيْعِ الطَّعَامِ، وَبَيْعِ الْأَكْفَانِ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى الْغَلَاءَ، وَمَوْتَ النَّاسِ، وَالصَّنْعَتَانِ أَنْ يَكُونَ جَزَّارًا فَإِنَّهَا صَنْعَةٌ تُقَسِّي الْقُلُوبَ، وَصَوَّاغًا فَإِنَّهُ يُزَخْرِفُ الدُّنْيَا بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ فَهَذَا كُلُّهُ حَرَامٌ، وَالْمَنْعُ مِنْ فِعْلِ الْحَرَامِ، وَاجِبٌ.
[فَصَلِّ تَلْقَيْ الرَّكْبَانِ]
(فَصْلٌ) : وَلَا يَجُوزُ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ، وَهُوَ أَنْ تُقْدِمَ قَافِلَةٌ فَيَلْتَقِيهِمْ الْإِنْسَانُ خَارِجَ الْبَلَدِ فَيُخْبِرُهُمْ بِكَسَادِ مَتَاعِهِمْ لِيَبْتَاعَ مِنْهُمْ رَخِيصًا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ» .
وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السِّلَعِ حَتَّى تَهْبِطَ إلَى الْأَسْوَاقِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَصَاحِبُ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ بَعْدَ أَنْ يُقْدِمَ السُّوقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute