[الْبَاب السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ فِي الْحَسَبَة عَلَى مُؤَدِّبِي الصَّبِيَّانِ]
لَا يَجُوزُ تَعْلِيمُ الْخَطِّ فِي الْمَسَاجِدِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِتَنْزِيهِ الْمَسَاجِدِ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ؛ لِأَنَّهُمْ يُسَوِّدُونَ حِيطَانَهَا وَيُنَجِّسُونَ أَرْضَهَا إذْ لَا يَحْتَرِزُونَ مِنْ الْبَوْلِ وَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ بَلْ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَتَّخِذُوا لِلتَّعْلِيمِ مَوَاضِعَ شَرَحَهُ فِي أَطْرَافِ الْأَسْوَاقِ، وَيَمْنَعُونَ أَيْضًا مِنْ التَّعْلِيمِ فِي بُيُوتِهِمْ.
[فَصَلِّ مَا يَشْتَرِط فِي الْمُعَلَّم]
(فَصْلٌ) : وَاعْلَمْ أَنَّهَا أَجَلُّ الْمَعَايِشِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «خَيْرُ مَنْ مَشَى عَلَى الْأَرْضِ الْمُعَلِّمُونَ الَّذِينَ كُلَّمَا خَلِقَ الدِّينُ جَدَّدُوهُ» .
فَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَلِّمِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَالْعِفَّةِ وَالْأَمَانَةِ حَافِظًا لِلْكِتَابِ الْعَزِيزِ حَسَنَ الْخَطِّ وَيَدْرِي الْحِسَابَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُزَوَّجًا، وَلَا يُفْسَحُ لِعَازِبٍ أَنْ يَفْتَحَ مَكْتَبًا لِتَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْخًا كَبِيرًا، وَقَدْ اُشْتُهِرَ بِالدِّينِ وَالْخَيْرِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْذَنُ لَهُ بِالتَّعْلِيمِ إلَّا بِتَزْكِيَةٍ مَرْضِيَّةٍ وَثُبُوتِ أَهْلِيَّتِهِ لِذَلِكَ.
وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّبِ أَنْ يَتَرَفَّقَ بِالصَّغِيرِ وَأَنْ يُعَلِّمَهُ السُّوَرَ الْقِصَارَ مِنْ الْقُرْآنِ بَعْدَ حَذَاقَتِهِ بِمَعْرِفَةِ الْحُرُوفِ وَضَبْطِهَا بِالشَّكْلِ وَيُدَرِّجُهُ بِذَلِكَ حَتَّى يَأْلَفَهُ طَبْعًا ثُمَّ يُعَرِّفُهُ عَقَائِدَ السُّنَنَ ثُمَّ أُصُولَ الْحِسَابِ وَمَا يُسْتَحْسَنُ مِنْ الْمُرَاسَلَاتِ، وَفِي وَقْتِ بَطَالَةِ الْعَادَةِ يَأْمُرُهُمْ بِتَجْوِيدِ الْخَطِّ عَلَى الْمِثَالِ وَيُكَلِّفُهُمْ عَرْضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute