أَنْ يَرْفَعَهُ بِيَدِهِ تِلْقَاءَ، وَجْهِهِ ثُمَّ يَنْفُخَ عَلَى الْكِفَّةِ الَّتِي فِيهَا الْمَتَاعُ نَفْخًا خَفِيفًا فَتَرْجَحُ بِمَا فِيهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِي تَكُونُ عَيْنُهُ إلَى الْمِيزَانِ لَا إلَى فَمِ صَاحِبِهِ، وَلَهُمْ فِي الْمِيزَانِ صِنَاعَةٌ يَجْعَلُ بِهَا الْبَخْسَ مِثْلَ أَنْ يُلْصِقَ شَمْعَةً تَحْتَ إحْدَى كِفَّتَيْ الْمِيزَانِ، أَوْ يُشْكِلَ رَزَّةَ الْمِيزَانِ الْعُلْيَا بِخَيْطِ شَعْرٍ رَقِيقٍ لَا يَنْظُرُهُ الْمُشْتَرِي فَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ تَفَاوُتٌ، وَلَهُمْ أَيْضًا الْعَلَّاقَةُ الَّتِي تُسَمَّى الْمُودِي، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَمُودُ الْمِيزَانِ فُولَاذًا، وَيُعْمَلُ لِسَانُهُ أَرْمَهَانًا، وَيُعَوِّجُ رَأْسَ اللِّسَانِ إلَى الْجَانِبِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ فَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْحَرَامِ فَيَلْزَمُ الْمُحْتَسِبَ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَاعْلَمْ أَنَّك وُلِّيت مِنْ الْكَيْلِ، وَالْمِيزَانِ أَمْرَ مَنْ هَلَكَتْ فِيهَا الْأُمَمُ السَّالِفَةُ فَبَاشِرْهُمَا بِيَدِك مُبَاشَرَةَ الِاخْتِيَارِ، وَالِاخْتِبَارِ، وَلَا تُقِلْ أَهْلَهُمَا عَثْرَةً فَإِنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَنْهَى عَنْ الْعِثَارِ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِنْ سَوَادِ النَّاسِ فَمَنْ لَمْ يُفَقِّهْ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ هِمَّتُهُ إلَّا فَرْجُهُ، أَوْ ضِرْسُهُ فَحَدُّهُمْ التَّعْزِيرُ الَّتِي هِيَ نَزَّاعَةٌ تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ، وَتَوَلَّى.
[فَصَلِّ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُخْتَبَر الْقَبَّان الْقِبْطِيّ بَعْد كُلِّ حِينٍ]
(فَصْلٌ) : وَالْقَبَّانُ الْقِبْطِيُّ، فَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَخْتَبِرَهُ بَعْدَ كُلِّ حِينٍ فَإِنَّهُ يَنْفَسِدُ بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي، وَزْنِ الْحَطَبِ، وَالْبَضَائِعِ الثَّقِيلَةِ، وَيُتَّخَذُ عِنْدَهُ عِيَارَاتٌ مِنْ حَصًى فِي خَرَائِطَ لِيفٍ هِنْدِيٍّ، أَوْ خَيْشٍ، وَيَضَعُهَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَيْهَا النَّدَاوَةُ، وَلَا الْغُبَارُ، وَيُعَيِّنُ لِعِيَارِ الْقَبَّانِينَ رَجُلًا يُوثَقُ بِدِينِهِ، وَأَمَانَتِهِ لَا يَشُوبُهُ فِي ذَلِكَ رِيَاءٌ، وَلَا مُحَابَاةٌ لِأَحَدٍ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِ، وَيَلْزَمُ الْمُحْتَسِبَ أَنْ لَا يُمَكِّنَ أَحَدًا مِنْ الْوَزْنِ بِالْقَبَّانِ إلَّا مَنْ ثَبَتَتْ أَمَانَتُهُ، وَعَدَالَتُهُ، وَمَعْرِفَتُهُ بِالْعُدُولِ مِنْ أَهْلِ الْخِيرَةِ فِي مَجْلِسِهِ فَإِنَّهَا صِنَاعَةٌ عَظِيمَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute