للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَقَالَ عَالِجَاهُ فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا نُعَالِجُ وَنَحْتَالُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ فَمَا هُوَ إلَّا التَّوَكُّلُ فَقَالَ عَالِجَاهُ فَإِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ شِفَاءً فَعَالَجَاهُ فَبَرِئَ» ، وَهُوَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، وَلَا قَائِمَ بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَكَمْ مِنْ بَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ طَبِيبٌ إلَّا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ؟ ،

وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ شَهَادَتِهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَطِبَّاءِ مِنْ أَحْكَامِ الطِّبِّ، وَلَا نَرَى أَحَدًا يَشْتَغِلُ بِهِ وَيَتَهَافَتُونَ عَلَى عِلْمِ الْفِقْهِ لَا سِيَّمَا الْخِلَافِيَّاتُ وَالْجَدَلِيَّاتُ، وَالْبَلَدُ مَشْحُونٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ مِمَّنْ يَشْتَغِلُ بِالْفَتْوَى وَالْجَوَابِ عَنْ الْوَقَائِعِ فَلَيْتَ شِعْرِي كَيْف يُرَخِّصُ الدِّينُ فِي الِاشْتِغَالِ بِفَرْضِ كِفَايَةٍ قَدْ قَامَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَإِهْمَالِ مَا لَا قَائِمَ بِهِ؟ ، هَلْ لِهَذَا سَبَبٌ إلَّا أَنَّ الطِّبَّ لَيْسَ يَتَيَسَّرُ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَى تَوَلِّي الْقَضَاءِ وَالْحُكُومَةِ وَالتَّقَدُّمِ بِهِ عَلَى الْأَقْرَانِ وَالتَّسَلُّطِ عَلَى الْأَعْدَادِ؟ ، هَيْهَاتَ قَدْ انْدَرَسَ عِلْمُ الدِّينِ فَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَإِلَيْهِ الْمَلَاذُ بِأَنْ يُعِيدنَا مِنْ هَذَا الْغُرُورِ الَّذِي يُسْخِطُ الرَّحْمَنَ وَيُضْحِكُ الشَّيْطَانَ.

[فَصَلِّ الشُّرُوط الَّتِي يُجِبْ تَوَافُرهَا فِي الطَّبِيب]

(فَصْلٌ) : وَالطَّبِيبُ هُوَ الْعَارِفُ بِتَرْكِيبِ الْبَدَنِ وَمِزَاجِ الْأَعْضَاءِ وَالْأَمْرَاضِ الْحَادِثَةِ فِيهَا وَأَسْبَابِهَا وَأَعْرَاضِهَا وَعَلَامَتِهَا وَالْأَدْوِيَةِ النَّافِعَةِ فِيهَا وَالِاعْتِيَاضِ عَمَّا لَمْ يُوجَدْ مِنْهَا وَالْوَجْهِ فِي اسْتِخْرَاجِهَا وَطَرِيقِ مُدَاوَاتِهَا بِالتَّسَاوِي بَيْنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَدْوِيَةِ فِي كَمْيَّاتِهَا وَيُخَالِفُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ كَيْفِيَّاتِهَا فَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يُجْعَلُ لَهُ مُدَاوَاةُ الْمَرْضَى، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى عِلَاجٍ يُخَاطِرُ فِيهِ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِمَا لَا عِلْمَ لَهُ فِيهِ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ» .

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُقَدَّمٌ مِنْ أَهْلِ صِنَاعَتِهِمْ فَقَدْ حُكِيَ أَنَّ مُلُوكَ

<<  <   >  >>