وَفِي الْأَعْوَامِ مَوَاسِمُ لِصَلَوَاتٍ مَخْصُوصَةٍ كَالتَّرَاوِيحِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالرَّغَائِبِ فِي أَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ تُمْلَأُ فِي هَذِهِ الْمَوَاسِمِ الَّتِي تَكْثُرُ فِيهَا الْأَقْلَامُ فِي كَتْبِ الطَّاعَاتِ وَمَحْوِ الْآثَامِ وَمَنْ حَضَرَهَا وَلَيْسَ هِمَّتُهُ إلَّا أَنْ يَمُرَّ بِهَا طُرُوقًا وَيُوَاعِدَ إلَيْهَا أَخْدَانَهُ رَفَثًا وَفُسُوقًا فَهَؤُلَاءِ الْخَلْقُ الَّذِينَ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَابْعَثْ عَلَيْهِمْ قَوْمًا يَسْلُبُونَهُمْ سَلْبًا وَيُوجِعُونَهُمْ ضَرْبًا وَيَمْلَئُونَ عُيُونَهُمْ مَهَابَةً وَقُلُوبَهُمْ رُعْبًا، فَإِنَّ بُيُوتَ اللَّهِ مُطَهَّرَةٌ مِنْ الْأَدْنَاسِ، وَلَمْ تُعَمَّرْ لِشَيْطَانِ الْإِنْسِ، وَإِنَّمَا عُمِّرَتْ لِلنَّاسِ فَلَا يَحْضُرُهَا إلَّا رَاكِعٌ وَسَاجِدٌ أَوْ ذَاكِرٌ وَحَامِدٌ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إظْهَارُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَإِشْهَارُ الشَّرِيعَةِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِتَقْوَى عَقَائِدُ الْعَامَّةِ.
[فَصَلِّ امْتِحَان الْمُحْتَسَب لِلْمُؤَذِّنَيْنِ]
(فَصْلٌ) وَلَا يُؤَذِّنُ فِي الْمَنَارَةِ إلَّا عَدْلٌ ثِقَةٌ أَمِينٌ عَارِفٌ بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ وَالْأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ فَأَرْشَدَ اللَّهُ الْآئِمَةَ وَغَفَرَ لِلْمُؤَذِّنِينَ» وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَمْتَحِنَهُمْ بِمَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ مَنَعَهُ مِنْ الْأَذَانِ حَتَّى يَعْرِفَهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَذَّنَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ فَأَفْطَرَ الصَّائِمَ أَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ أَوْ يُصَلُّونَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ فَيَكُونُ هُوَ السَّبَبَ فِي إفْسَادِ أَحْوَالِهِمْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ وَيَقْرَأُ بَابَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْفِقْهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ حَسَنَ الصَّوْتِ وَيَنْهَاهُ الْمُحْتَسِبُ عَنْ النَّغْيِ فِي الْأَذَانِ وَهُوَ التَّمْطِيطُ الْفَاحِشُ وَالتَّطْرِيبُ وَيَأْمُرُهُ إذَا صَعِدَ الْمَنَارَةَ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute