مُمْسِكًا لِسَيْفٍ مُذَهَّبٍ فَهُوَ فِسْقٌ وَالْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ السَّوَادِ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَحْبُوبٍ إذْ أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى اللَّهِ الْبَيَاضُ وَمَنْ قَالَ فِي هَذَا إنَّهُ بِدْعَةٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَرَادَ بِهِ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ وَلَكِنَّهُ إذَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَهْيٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمَّى بِدْعَةً، وَلَا مَكْرُوهًا وَلَكِنَّهُ تَرْكُ الْأَحَبِّ.
وَيَمْنَعُ الْمُحْتَسِبُ أَيْضًا مَنْ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ النِّدَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ، وَإِذَا كَانَ فِي أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ مَنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَعْجِزَ عَنْهَا الضَّعِيفُ وَيَنْقَطِعَ بِهَا ذُو الْحَاجَاتِ عَنْ حَاجَاتِهِ أَنْكَرَ الْمُحْتَسِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا «أَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ حِينَ أَطَالَ الصَّلَاةَ بِقَوْمِهِ فَقَالَ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ» .
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْعَجْزِ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلَانٌ فِيهَا فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ كَانَ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَمَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ» .
وَإِذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ فِيهَا إمَامًا كَانَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ وَأَعْلَمَ، وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِيهَا مَعَ حُضُورِهِ، فَإِنْ غَابَ وَاسْتَنَابَ كَانَ مَنْ اسْتَنَابَهُ فِيهَا أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِبْ فِي غَيْبَتِهِ اُسْتُؤْذِنَ السُّلْطَانُ فِيمَنْ يُقَدَّمُ فِيهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُهُ فِيهَا تَرَاضَى أَهْلُ الْمَسْجِدِ بِمَنْ يَؤُمُّهُمْ لِئَلَّا يَتَعَطَّلَ جَمَاعَتُهُمْ، وَإِذَا صَلَّى إمَامُ هَذَا الْمَسْجِدِ بِجَمَاعَةٍ وَحَضَرَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ تِلْكَ الْجَمَاعَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ جَمَاعَةً وَصَلَّوْا فُرَادَى لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْمُبَايَنَةِ وَالتُّهْمَةِ بِالْمُشَاقَّةِ وَالْمُخَالَفَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute