للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظَفِرَ بِالطَّلَبِ فَيَأْمُرُ النَّاسَ بِابْتِدَارِهِ فِي الْبَوَاكِرِ وَالْفَوْزِ فِيهِ بِقُرُبَاتِ الْبَدَنَاتِ الْأَخَايِرِ، فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ عَلَى مِثْلِهِ وَبِهِ فُضِّلَ هَذَا الدِّينُ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ قَبْلِهِ فَهُوَ وَاسِطَةُ عِقْدِ الْأَيَّامِ السَّبْعَةِ وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَجْمُوعِ فَضْلِهَا سُمِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلْيُنَادِهِمْ بِالِاجْتِمَاعِ إلَيْهَا وَرَاقَبَهُمْ عِنْدَ أَوْقَاتِ الْأَذَانِ فِي الْأَسْوَاقِ الَّتِي هِيَ مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ فَمَنْ شُغِلَ عَنْهَا بِتَمْيِيزِ مَكْسَبِهِ أَوْ لُهِيَ عَنْهَا بِالْإِقْبَالِ عَلَى لَهْوِهِ وَلَعِبِهِ فَخُذْهُ بِالْآلَةِ الْعُمَرِيَّةِ الَّتِي تَضَعُ مِنْ قَدْرِهِ وَتُذِيقُهُ وَبَالَ أَمْرِهِ، وَلَا يَمْنَعُكَ مِنْ ذِي شَيْبَةٍ شَيْبَتُهُ، وَلَا مِنْ ذِي هَيْئَةٍ هَيْئَتُهُ: «فَإِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ» .

وَأَمَّا الْإِمَامَةُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ تَقْلِيدِهَا فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّهَا مِنْ الْوِلَايَاتِ الْوَاجِبَةِ، وَأَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِحُضُورِ السُّلْطَانِ أَوْ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ فِيهَا وَذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَفُقَهَاءُ الْحِجَازِ إلَى أَنَّ التَّقْلِيدَ فِيهَا نَدْبٌ وَأَنَّ حُضُورَ السُّلْطَانِ فِيهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإِنْ أَقَامَهَا الْمُصَلَّوْنَ عَلَى شُرُوطِهَا انْعَقَدَتْ وَصَحَّتْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ فِيهَا عَبْدًا، وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ وِلَايَتُهُ.

وَفِي جَوَازِ إمَامَةِ الصَّبِيِّ خِلَافٌ، وَلَا يَجُوزُ إقَامَتُهَا إلَّا بِأَرْبَعِينَ رَجُلًا أَحْرَارًا مُكَلَّفِينَ لَا يَظْعَنُونَ شِتَاءً، وَلَا صَيْفًا مِنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ إلَّا لِحَاجَةٍ، وَالْإِمَامُ هُوَ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ عَلَى قَوْلٍ وَقِيلَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِينَ.

وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْخَطِيبُ لَابِسًا لِثَوْبٍ أَسْوَدَ يَغْلِبُ عَلَيْهِ الْإِبْرَيْسَمُ أَوْ

<<  <   >  >>