التَّسْلِيمِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ الْفِعْلُ دَلَالَةً عَلَى الرِّضَى بِأَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِمَّا سُلِّمَ إلَيْهِ فَيَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ، لَكِنْ عَلَى كُلِّ الْأَحْوَالِ جَانِبُ الْبَائِعِ أُغْمِضَ؛ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ فَقَدْ يُرِيدُ الْمِلْكَ فِيهِ لِيَتَصَرَّفَ، وَلَا يُمْكِنُهُ التَّمَلُّكُ إلَّا إذَا تَلِفَ عَيْنُ الطَّعَامِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُبَّمَا يُفْتَقَرُ إلَى اسْتِئْنَافِ قَصْدِ التَّمَلُّكِ ثُمَّ يَكُونُ قَدْ تَمَلَّكَ بِمُجَرَّدِ رِضًى اسْتَفَادَهُ مِنْ الْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ فَأَمَّا جَانِبُ الْمُشْتَرِي لِلطَّعَامِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ إلَّا الْأَكْلَ فَهَيِّنٌ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَرِينَةِ الْحَالِ، وَلَكِنْ رُبَّمَا يَلْزَمُ مِنْ مَسَاقِ هَذَا أَنَّ الضَّيْفَ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ عَنْهُ إذَا تَمَلَّكَ الْبَائِعُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ كَالْقَاضِي دَيْنَهُ، وَالْمُتَحَمِّلِ عَنْهُ، فَهَذَا مَا نَرَاهُ فِي قَاعِدَةِ الْمُعَاطَاةِ عَلَى غُمُوضِهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّه، وَهَذِهِ احْتِمَالَاتٌ، وَظُنُونٌ رَدَدْنَاهَا، وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الْفَتْوَى إلَّا عَلَى هَذِهِ الصُّوَرِ، وَأَمَّا الْوَرِعُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَفْتِيَ قَلْبَهُ، وَيَتَّقِيَ مَوَاضِعَ الشُّبْهَةِ.
[فَصَلِّ تَسْعِير الْمُحْتَسَب لِلْبَضَائِعِ عَلَى أَرْبَابهَا]
(فَصْلٌ) : وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْتَسِبِ تَسْعِيرُ الْبَضَائِعِ عَلَى أَرْبَابِهَا فَإِنَّ الْمُسَعِّرَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَتَصَرَّفْنَ فِيهِ الْإِمَامُ، وَالْوَالِي فَإِنْ فُعِلَ ذَلِكَ إلَّا فِي سِنِينَ الْقَحْطِ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا إذْ «غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute