«مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ تَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ لَمْ تَكُنْ صَدَقَتُهُ كَفَّارَةً لِاحْتِكَارِهِ» .
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ احْتَكَرَ الطَّعَامَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ، وَبَرِئَ اللَّهُ مِنْهُ» ، وَقِيلَ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ نَفْسًا.
وَعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ، وَجْهَهُ مَنْ احْتَكَرَ الطَّعَامَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَسَا قَلْبُهُ، وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ أَحْرَقَ طَعَامًا مُحْتَكَرًا بِالنَّارِ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا لَا يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولُ مَالٍ مِنْ أَذْهَابٍ إلَى رِزْقٍ مِنْ أَرْزَاقِ اللَّهِ يَنْزِلُ بِسَاحَتِنَا - فَيَحْتَكِرُونَهُ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ كَيَدِهِ فِي الشِّتَاءِ، وَالصَّيْفِ فَذَاكَ، وَصْفُ عُمَرَ فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ، وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٢٥] ، إنَّ الِاحْتِكَارَ مِنْ الظُّلْمِ، وَدَخَلَ تَحْتَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ مُطْلَقٌ، وَيَتَعَلَّقُ النَّظَرُ بِهِ فِي الْوَقْتِ، وَالْجِنْسِ أَمَّا الْجِنْسُ فَيَطَّرِدُ النَّهْيُ فِي أَجْنَاسِ الْأَقْوَاتِ أَمَّا مَا لَيْسَ بِقُوتٍ، وَلَا هُوَ مُعَيَّنٍ عَلَى الْقُوتِ كَالْأَدْوِيَةِ، وَالْعَقَاقِيرِ، وَالزَّعْفَرَانِ، وَأَمْثَالِهِ فَلَا يَتَعَدَّى النَّهْيُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَطْعُومًا، وَأَمَّا مَا يُعَيَّنُ عَلَى الْقُوتِ كَاللَّحْمِ، وَالْفَوَاكِهِ، وَمَا يَسُدُّ مَسَدًّا يُغْنِي عَنْ الْقُوتِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ فَهَذَا فِي مَحَلِّ النَّظَرِ فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ طَرَدَ التَّحْرِيمَ فِي السَّمْنِ، وَالْعَسَلِ، وَالشَّيْرَجِ، وَالْجُبْنِ، وَالزَّيْتِ، وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute