جَلَدَهُ مِائَةً فِي مَلَإٍ مِنْ النَّاسِ كَمَا قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] وَيَعْنِي بِذَلِكَ الزَّانِيَ، وَأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا مُخْتَارًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مُرْتَدًّا وَنَعْنِي بِقَوْلِنَا زَنَا أَنَّهُ وَطِئَ امْرَأَةً مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، وَلَا شُبْهَةِ عَقْدٍ، وَلَا مِلْكٍ، وَلَا شُبْهَةِ مِلْكٍ وَنَعْنِي بِالْوَطْءِ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ وُجُوبِ الْأُمُورِ الْمُعْتَبَرَةِ لِلْحَدِّ الْعِلْمُ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَيْسَا مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ، وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ قَائِمًا، وَلَا يُمَدُّ، وَلَا يُرْبَطُ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ عُضْوٍ قِسْطًا مِنْ الضَّرْبِ وَيُتَوَقَّى الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْفَرْجُ وَالْخَاصِرَةُ وَسَائِرُ الْمَوَاضِعِ الْمَخُوفَةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - قَالَ لِلْجَلَّادِ: اضْرِبْهُ وَأَعْطِ كُلَّ عُضْوٍ حَقَّهُ وَاتَّقِ وَجْهَهُ وَمَذَاكِيرَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ قَالُوا لَا يُتَّقَ الرَّأْسُ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لِلْجَلَّادِ اضْرِبْ الرَّأْسَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ فِي الرَّأْسِ وَلِأَنَّهُ يَكُونُ مُغَطًّى فِي الْعَادَةِ فَلَا يُخَافُ إفْسَادُهُ وَالْخَاصِرَةُ كَالرَّأْسِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَلْزَمُهُ اتِّقَاؤُهُ وَهُوَ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ أَخْوَفُ، وَلَا يُجَرَّدُ بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِ قَمِيصٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مَحْشُوَّةٌ أَوْ فَرْوَةٌ جُرِّدَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا تَقِيهِ الضَّرْبَ، وَلَا يَتَوَلَّى الضَّرْبَ غَيْرُ الرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْصَرُ بِهِ، وَلَا يَبْلُغُ بِالضَّرْبِ مَا يَجْرَحُ وَيَنْهَرُ الدَّمَ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتُضْرَبُ جَالِسَةً فِي إزَارِهَا؛ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ فَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً رُبَّمَا تَكَشَّفَتْ وَتُشَدُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا لِتَسْتَتِرَ بِهَا، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَلِي ذَلِكَ مِنْهَا امْرَأَةٌ يَعْنِي شَدَّ الثِّيَابِ عَلَيْهَا.
فَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا فَالرَّجْمُ، وَالْمُحْصَنُ هُوَ الَّذِي أَصَابَ زَوْجَةً بِعَقْدِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ كَانَ بِكْرًا فَالْحَدُّ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَالْبِكْرُ هُوَ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute