مَعْنَاهُ اسْتِرْدَادُ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ؛ إذْ عَلَيْهِ رَتَّبُوا أَشْكَالَ مَسْأَلَةِ الْحُلِيِّ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَرَادَ أَنْ يَغْرَمَ لَا مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ لَمْ يَجِدْ إلَيْهِ سَبِيلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ غَرَامَةٌ مُبْتَدَأَةٌ تَقْدِيرُهُ بِعَيْبٍ بِجِنَايَتِهِ، فَوَجَبَ الضَّمَانُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا عَقْدَ، وَإِنْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ الْحُلِيِّ الْمَغْشُوشَةِ لَزِمَهُ أَنْ يُعَرِّفَ الْمُشْتَرِيَ مِقْدَارَ مَا فِيهَا مِنْ الْغِشِّ لِيَدْخُلَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَإِذَا أَرَادَ صِنَاعَةَ شَيْءٍ مِنْ الْحُلِيِّ لِأَحَدٍ فَلَا يَسْبِكُهُ فِي الْكُوَرِ إلَّا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ وَزْنِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ سَبْكِهِ أَعَادَ الْوَزْنَ، وَدَفَعَ لَهُ عَيْنَهُ حَتَّى لَا يُخَيِّلَ عَلَى صَاحِبِهِ مَتَاعَهُ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى لِحَامٍ فَإِنَّهُ يَزِنُهُ قَبْلَ إدْخَالِهِ فِيهِ وَلَا يُرَكِّبُ شَيْئًا مِنْ الْفُصُوصِ وَالْجَوَاهِرِ عَلَى الْخَوَاتِمِ وَالْحُلِيِّ إلَّا بَعْدَ وَزْنِهَا بِحَضْرَةِ صَاحِبِهَا، وَبِالْجُمْلَةِ: إنَّ تَدْلِيسَ الصُّيَّاغِ وَغُشُوشِهِمْ خَفِيَّةٌ لَا تَكَادُ تُعْرَفُ، وَلَا يَصُدُّهُمْ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَمَانَتُهُمْ وَدِينُهُمْ، وَإِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مِنْ الْجَلَاوَاتِ وَالْأَصْبَاغِ مَا لَا يَعْرِفُهُ غَيْرُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَصْبُغُ الْفِضَّةَ صَبْغًا لَا يُفَارِقُ الْجَسَدَ إلَّا بَعْدَ السَّبْكِ فِي الروباص، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُرَاقَبَةُ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وَلَا يُزْغِلُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا بِهَذَا وَلَا بِغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ أَكْوَارُ السَّبْكِ لَا تَكُونُ مُرْتَفِعَةً بَلْ تَكُونُ فِي قَصَارٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَتَّى لَا يَخْفَى مَا يَسْبِكُهُ فِيهَا عَنْ صَاحِبِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَلَا يَسْرِقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute