للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا، وَعَلَيْهِمْ أَنْ يُسَارِعُوا إلَى أَمْرِهِ بِهَا، وَيَكُونُ عَلَى تَأْدِيبِهِمْ فِي تَرْكِهَا أَلْيَنَ مِنْ تَأْدِيبِهِ عَلَى تَرْكِ مَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ.

وَالْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقَ رَأْيُهُ، وَرَأْيُ الْقَوْمِ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا، وَهُوَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا لَوْ أُقِيمَتْ أَحَقُّ.

وَالْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَرَى الْقَوْمُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ، وَلَا يَرَاهُ الْمُحْتَسِبُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَارِضَهُمْ فِيهَا، فَيَأْمُرَ بِإِقَامَتِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَاهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْهَاهُمْ عَنْهَا، وَيَمْنَعَهُمْ مِمَّا يَرَوْنَهُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ.

وَالْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَرَى الْمُحْتَسِبُ انْعِقَادَ الْجُمُعَةِ بِهِمْ، وَلَا يَرَاهُ الْقَوْمُ فَهَذَا مِمَّا فِي اسْتِمْرَارِهِ تَعْطِيلُ الْجُمُعَةِ مَعَ تَطَاوُلِ الزَّمَانِ، وَبُعْدِهِ، وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَزِيَادَتِهِ فَهَلْ لِلْمُحْتَسَبِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ فِيهَا اعْتِبَارًا بِهَذَا الْمَعْنَى أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِإِقَامَتِهَا اعْتِبَارًا بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ لَا يُنَشِّئُوا الصَّغِيرَ عَلَى تَرْكِهَا فَيَظُنَّ أَنَّهَا تَسْقُطُ مَعَ زِيَادَةِ الْعَدَدِ كَمَا تَسْقُطُ بِنُقْصَانِهِ فَقَدْ رَاعَى زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مِثْلَ هَذَا فِي صَلَاةِ النَّاسِ فِي جَامِعَيْ الْبَصْرَةِ، وَالْكُوفَةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا إذَا صَلَّوْا فِي صَحْنِهِ، وَرَفَعُوا مِنْ السُّجُودِ مَسَحُوا جِبَاهَهُمْ مِنْ التُّرَابِ فَأَمَرَ بِإِلْقَاءِ الْحَصْبَاءِ فِي صَحْنِ الْمَسْجِدِ، وَقَالَ: لَسْت آمَنُ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ فَيَظُنَّ الصَّغِيرُ إذَا نَشَأَ أَنَّ مَسْحَ الْجَبْهَةِ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِأَمْرِهِمْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَمْلُ النَّاسِ عَلَى اعْتِقَادِهِ، وَلَا يَقُودُهُمْ إلَى مَذْهَبِهِ، وَلَا أَنْ يَأْخُذَهُمْ فِي الدِّينِ بِرَأْيِهِ مَعَ تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ، وَأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ نُقْصَانَ الْعَدَدِ يَمْنَعُ مِنْ إجْزَاءِ الْجُمُعَةِ فَأَمَّا أَمْرُهُمْ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِهَا، وَهَلْ يَكُونُ أَمْرُهُ

<<  <   >  >>