تَعَالَى -: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] ، وَانْعَقَدَ عَلَيْهَا الْإِجْمَاعُ لَا يُزَادُ فِيهَا، وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا وَهُوَ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَيُسْتَحَقُّ بِالطَّالِبِ وَيَسْقُطُ بِالْعَفْوِ، وَإِذَا اجْتَمَعَتْ فِي الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَاءِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ، وَفِي قَاذِفِهِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ وَجَبَ الْحَدُّ فِيهِ، أَمَّا الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ فِي الْمَقْذُوفِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا حُرًّا عَاقِلًا مُسْلِمًا عَفِيفًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَافِرًا أَوْ سَاقِطَ الْعِفَّةِ بِزِنًا حُدَّ فِيهِ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ لَكِنْ يُعَزَّرُ لِأَجْلِ الْأَذَى وَتَبْرِئَةِ اللِّسَانِ. وَأَمَّا الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي فِي الْقَاذِفِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يُحَدَّ، وَلَمْ يُعَزَّرْ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حُدَّ أَرْبَعِينَ بِنِصْفِ حَدِّ الْحُرِّ لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّ وَيُحَدُّ الْكَافِرُ بِالْمُسْلِمِ وَتُحَدُّ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ وَيُفَسَّقُ الْقَاذِفُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، فَإِنْ تَابَ زَالَ فِسْقُهُ وَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُ قَبْلَ الْحَدِّ وَبَعْدَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ تَوْبَةُ الْقَاذِفِ إكْذَابُ نَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ الْقَذْفُ الَّذِي صَدَرَ مِنِّي بَاطِلٌ فَإِذَا تَابَ ارْتَفَعَ مَا سِوَى ذَلِكَ الْقَذْفِ مِنْ الْفِسْقِ وَالْمَنْعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَبْلَ الْحَدِّ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ تَابَ بَعْدَ الْحَدِّ.
وَالْقَذْفُ بِاللِّوَاطِ وَإِتْيَانُ الْبَهَائِمِ كَالْقَذْفِ بِالزِّنَا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ، وَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ بِالْكَيْدِ وَالسَّرِقَةِ وَيُعَزَّرُ لِأَجْلِ الْأَذَى.
وَالْقَذْفُ بِالزِّنَا مَا كَانَ صَرِيحًا فِيهِ كَقَوْلِهِ يَا زَانٍ أَوْ قَدْ زَنَيْت أَوْ رَأَيْتُكَ تَزْنِي، فَإِنْ قَالَ يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ يَا لُوطِيُّ كَانَ كِنَايَةً مُحْتَمِلَةً فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ إلَّا إنْ أَرَادَ بِهِ الْقَذْفَ، وَلَوْ قَالَ يَا ابْنَ الزَّانِيَيْنِ كَانَ قَاذِفًا لِأَبَوَيْهِ دُونَهُ فَيُحَدُّ لَهُمَا إنْ طَلَبَا حَدَّهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا مَيِّتَيْنِ فَيَكُونُ الْحَدُّ مَوْرُوثًا عَنْهُمَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: حَدُّ الْقَذْفِ لَا يُوَرَّثُ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَقْذُوفُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute