للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ يَوْمًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ أَكْثَرَ إلَى غَايَةٍ مَقْدُورَةٍ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ تُقَدَّرُ غَايَتُهُ شَهْرًا لِلِاسْتِبْرَاءِ وَالْكَفِّ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ لِلتَّأْدِيبِ وَالتَّقْوِيمِ، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَنْ يَجْلِدَهُ جَلَدَهُ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِ أَدْنَى الْحَدِّ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ بَلَغَ مَا لَيْسَ بِحَدٍّ فَهُوَ مِنْ التَّعْزِيرِ» وَلِأَنَّ هَذِهِ الْمَعَاصِيَ دُونَهَا فَلَا يَجِبُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ حُرًّا لَمْ يَبْلُغْ بِهِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا لَمْ يَبْلُغْ بِهِ عِشْرِينَ جَلْدَةً.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ الضَّرْبُ إلَى الْإِمَامِ يَضْرِبُهُ مَا يَرَى وَدَلِيلُنَا مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَجْلِدْ أَحَدًا فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَشَرَةِ بِحَالٍ إلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الْحُدُودَ عُقُوبَةَ الْمَعَاصِي مُقَدَّرَةً فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاقِبَ عَلَى مَا دُونَ تِلْكَ الْمَعَاصِي عُقُوبَتَهَا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُنْقِصَ مِنْهَا، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ تَرَكَ التَّعْزِيرَ جَازَ هَذَا.

نَقْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلَّا فِي الْحُدُودِ» وَأَدْنَى دَرَجَاتِ الْأَمْرِ الْإِبَاحَةُ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ غَيْرُ مَحْدُودٍ فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا كَضَرْبِ الزَّوْجَةِ.

وَقَالَ فِي الْمُهَذَّبِ: لَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ

<<  <   >  >>