للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَغْصُوبٍ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَظْهَرُهَا أَنَّهُ يُنْبَشُ كَالْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، وَكَمَا لَوْ ابْتَلَعَ لُؤْلُؤَةً فَإِنَّهُ يُشَقُّ بَطْنُهُ لِأَجْلِ مِلْكِ الْغَيْرِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْهَالِكِ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالنَّبْشُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْقِيمَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ.

وَالثَّالِثُ أَنَّهُ إنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ، وَأَدَّى إلَى هَتْكِ حُرْمَتِهِ فَلَا يُنْبَشُ، وَهُوَ الْأَقْيَسُ، وَإِلَّا فَيُنْبَشُ، ثُمَّ يَتَفَقَّدُ الْمُحْتَسِبُ الْجَنَائِزَ، وَالْمَقَابِرَ فَإِذَا سَمِعَ نَائِحَةً أَوْ نَادِبَةً مَنَعَهَا، وَعَزَّرَهَا؛ لِأَنَّ النَّوْحَ حَرَامٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «النَّائِحَةُ، وَمَنْ حَوْلَهَا فِي النَّارِ» .

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «لَعَنَ النَّائِحَةَ، وَالْمُسْتَمِعَةَ، وَالْحَالِقَةَ، وَالصَّالِقَةَ، وَالْوَاشِمَةَ، وَالْمَوْشُومَةَ» .

وَقَالَ «لَيْسَ لِلنِّسَاءِ فِي اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ مِنْ أَجْرٍ» ، أَمَّا الْبُكَاءُ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ نَدْبٍ، وَلَا نِيَاحَةٍ، وَلَا شِقِّ جَيْبٍ، وَلَا ضَرْبِ خَدٍّ، وَكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَتُمْنَعُ النِّسَاءُ مِنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ» .

فَإِذَا خَرَجَتْ جِنَازَةٌ أَمَرَ النِّسَاءَ أَنْ يَتَأَخَّرْنَ عَنْ الرِّجَالِ، وَلَا يَخْتَلِطْنَ بِهِمْ، وَيَمْنَعُهُنَّ مِنْ كَشْفِ وُجُوهِهِنَّ، وَرُءُوسِهِنَّ خَلْفَ الْمَيِّتِ، وَيَأْمُرُ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي الْبَلَدِ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُنَّ مِنْ تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ، وَمَتَى سَمِعَ بِامْرَأَةٍ نَائِحَةٍ أَوْ مُغَنِّيَةٍ أَوْ عَاهِرٍ اسْتَتَابَهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِمْ فَإِنْ عَادُوا عَزَّرَهُمْ، وَنَفَاهُمْ مِنْ الْبَلَدِ، وَكَذَلِكَ يَمْنَعُ الْخُنْثَى مِنْ حَلْقِ لِحْيَتِهِ، وَدُخُولِهِ عَلَى النِّسْوَانِ، وَهَذَا حَرَامٌ كُلُّهُ.

<<  <   >  >>